مازال مطرح الأزبال بمدينة تطوان يمثل نقطة سوداء بالمدينة، لما يشكله من أخطار محدقة بصحة السكان والحيوان، وتتلخص في الروائح الكريهة والإفرازات السامة وما يرافقها من تلوث يمس الماء والتربة والهواء، بالإضافة إلى تناثر الأكياس البلاستيكية التي تغطي سماء جزء من المدينة أثناء هبوب الرياح…
لا شيء تغير لحد الساعة، بالرغم من التنديدات والاستياءات المتتالية من طرف سكان الأحياء المجاورة، الذين أصبحوا عرضة لكافة أشكال الأمراض، التي بدت أعراضها بادية لدى عدد منهم، خاصة الأطفال الذين كتب عليهم أن يناموا ويستفيقوا يوميا في محيط هذه الروائح والأوساخ، التي تؤثر حتما على نموهم وحالتهم الصحية.
“با عبد السلام” الذي يشتغل كحارس بالمطرح منذ أزيد من 25 سنة، أكد أنه يعاني وباقي زملائه في العمل من أمراض شتى، نتيجة توقف الحملات الطبية التي كان يستفيد منها العمال، ليصبحوا الآن عرضة للإصابة بأمراض وفيروسات خطيرة.
وقال “باعبد السلام” إن “الحماية الصحية والأمنية هنا منعدمة، فالمطرح، الذي يوجد بالقرب من الطريق الرئيسية الرابطة بين مدينتي تطوان وشفشاون، أصبح يمثل أرضية لانتشار الحشرات والجراثيم باختلاف أنواعها، لاسيما عند ارتفاع درجة حرارة الجو، كما أنه تحول في المدة الأخيرة إلى ملاذ آمن للهاربين من العدالة، وهو ما أصبح يشكل خطرا على سلامة العمال من الناحيتين الصحية والأمنية.
وعن سر بناء أكواخ وسط المطرح، أوضح “با عبد السلام” أنها تعود لعمال إحدى الشركات المتخصصة في طحن بعض المواد مثل البلاستيك والورق المقوى والخشب والحديد، مبرزا أن هؤلاء يعرضون أنفسهم للأخطار المتعددة مقابل بضعة دراهم التي لا تسمن ولا تغني في حالة إصابتهم، لاقدر الله، بأي مكروه، لكن، يقول المتحدث “الله غالب، طرف ديال الخبز صعيب”.
من جهة أخرى، استمعت “الأخبار” إلى عدد من السكان المجاورين للمطرح، ومن بينهم “محمد. ر” الذي ذكر أنه فقد حاسة الشم بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من المطرح، وأصبح يفكر في الرحيل عن الحي الذي يسكنه من أجل الابتعاد عن هذه الأزبال وحماية أبنائه من الخطر المحدق بهم، إلا أنه ظروفه الاجتماعية منعته من ذلك.
وقال محمد ، إنني “لا أخفيكم سرا أن عددا من أفراد عائلتي يتحاشون دائما المجيئ لمنزلي وزيارة أسرتي بسبب الروائح الكريهة التي لاتطاق، وهو الأمر الذي يعاني منه جميع هؤلاء السكان، الذين أصيب بعضهم بأمراض مختلفة خاصة الأطفال، كما أن منظر الأبقار والأغنام والماعز يثير فيك نوعا من الاسمئزاز وأنت تراها تقتات من النفايات المسمومة والملوثة، علما أن لحومها و ألبانها تباع في أسواق المدينة دون أي مراقبة”.
وطالب المصدر بمنع المواشي من ولوج المطرح والاقتيات من الأزبال والنفايات المترامية به، لأن لحوم وألبان هذه المواشي تشكل خطرا على صحة مستهلكيها، وذلك لأن السموم والجراثيم التي تتناولها هذه المواشي تبقى راسية في أحشائها وتسبب في التسممات وانتشار الأمراض المعدية وأمراض الجهاز الهضمي، مناشدا الجهات المعنية بضرورة إيجاد حل سريع لهذا المطرح، عبر نقله إلى جهة أخرى، لأن نسبة السكان تزداد في المنطقة سنة بعد أخرى.