أساليب التعامل مع المعارضين والمنتقدين: أنوزلا نموذجا

5 يوليو, 2013

abdallah aftatيبدو أن العقل المدبر داخل الأروقة الرسمية يواكب العصر ويضع لكل مرحلة متطلباتها وآليات “الردع” التي يمكن أن تفي بالغرض، حسب تقديراته دون تكاليف باهضة قد تساهم في تشويه سمعة البلاد في المنتديات الدولية.

 وقد انتقل هذا العقل من الاعتماد على أساليب مباشرة لردع المعارضين والمنتقدين إلى طرق أخرى غير مباشرة تعتمد على فاعلين موازين، وبالتالي يتحقق المبتغى بأقل الخسائر الممكنة.

الجديد هذه المرة حسب ما هو معاين، أن السلطات في المغرب بدأت في وضع الحدود على المقاس على خارطة منسوب حرية التعبير الذي فرض إبان عز الحراك الذي شهده المغرب، والوقائع تؤكد أنها بدأت في “التضييق” للرجوع إلى سابق عهدها، لكن بأدوات ناعمة وناجعة، خاصة وأن البعض يعتبر أن التنازلات التي قدمت تحت ضغط الشارع  سرعان ما بدأ “التراجع” عنها بعد ما تم التحكم من جديد في وجهة التيار الضاغط .

من هذا المنطلق يأتي التضييق الذي يتعرض له الصحافي علي أنوزلا، مدير موقع  ‘لكم” الإخباري، وسط صمت مريب لمختلف الفاعلين وهم “يتفرجون” على ما يجري لصحافي اختار لنفسه خطا تحريريا لموقعه سرعان ما وجد صداه وسط القراء والزوار الذين تضاعف عددهم في مدة اعتبرت قياسية مما أقلق جهة ما داخل الدولة، التي بدأت تبحث عن كيفية مواجهة هذا المد الذي إن تطور قد تكون عواقبه غير رحيمة، وهي على مستويين:

المستوى الأول يروم استعمال مواقع إلكترونية وجرائد ورقية وبعض أنواع وسائل إعلام أخرى  للقيام ببعض المهمات، وهي بدورها تتوزع على نقاط معينة، مرة يكون بمحاولة التشويه بوصف المعني بالأمر قد يكون فردا وقد يكون إطارا، بالخائن أو المرتزق أو النصاب..وغيرها من المفردات التي توظف حسب السياق والظروف التي تفرض، وقد يكون ثانيا بالتمهيد لمحاكمة معينة فتتطوع تلك الوسائل الإعلامية وبعض كتاب الرأي لترصد بعض الأخطاء التي قد يقع فيها هذا المنتقد المعارض أو ذاك وتهويلها وتضخيمها وتقديمها على أنها مخالفة للقانون، فيفهم منها المتتبع أن أمرا ما يحاك، وقد تكون الهجمة لممارسة ضغط نفسي على “المتهم” كنشر أخبار كاذبة كفلان انتحر أو ألقى بنفسه من الشباك، سرعان ما يتم حذفها بعد أن تكون في تقديرهم قد قامت بالغرض .

المستوى الثاني رفع دعاوى قضائية من طرف قيادات سياسية وإعلامية ونقابية وغيرها، بإيعاز من جهة ما داخل الدولة في محاولة لجرجرة المستهدف بين ردهات المحاكم في عدة مدن وقد تكون متباعدة في ما بينها لإنهاكه وخنقه، مع طول التحقيقات وقد يتناوب عليه العديد من المسؤولين ينتمون لمؤسسة واحدة، كأن يحقق معه نائب وكيل الملك وبعدها وكيل الملك وغيرها لاحساسه بالضعف وإرهاقه والتأثير على معنوياته .

في مقابل هذا أبان التضييق الذي يعيش على إيقاعه أنوزلا عن شيئين اثنين، أولاهما أن السلطات المغربية لا زالت تتضايق من الأصوات المعارضة رغم أنها مبحوحة وليست بالقوة المطلوبة ومع ذلك فهي لا تتقبل انتقاداتها وتحاول التخلص منها في أقرب فرصة، وإذا كان هذا الموقف معروفا ومقبولا على اعتبار طبيعة النظام المغربي فإنه من غير المقبول أن يستمر كل هذا الصمت الرهيب والمخيف من طرف الهيئات الممثلة للصحفيين ومن الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجمعيات ..في الوقت الذي يتعرض فيه الزميل علي أنوزلا مدير موقع “لكم” لحملة تستعمل فيها كل أنواع وأدوات التضييق لصحفي أراد أن يمارس العمل الصحفي من زاوية قد لا يتفق معه البعض فيها، لكن لا يمكن مصادرة حقه في التعبير عن رأيه الذي يصرفه بشكل حضاري وبطريقة لها جمهورها الذي تضاعف في المدة الأخيرة ولا يزال زوار موقع “لكم” يتزايد كلما ازداد الهجوم على الموقع ومديره الذي يزداد اتزانا وترشيدا لمقالاته التي على ما يبدو تقض مضجع جهات ما في الدولة .
إن هذا الصمت الغير مبرر وغياب أي تضامن “إطاراتي” حتى الآن ليطرح أكثر من علامة استفهام حول دواعيه، وليجعلنا نشك في نوايا العديد من الذين يصنفون على أنهم مناضلين ، كما أن العديد من الإطارات خاصة تلك التي طالما “فرقعت” رؤوسنا من كثرة تشدقها بالدفاع عن الصحفيين وحرية التعبير ، فما بالها اليوم وقد بلعت لسانها وتحولت أقلامها إلى اتجاهات مختلفة دون الإشارة إلى ما يجري لصحفي أبان عن قدرة وجرأة يحتاجها المشهد المغربي لتحريك المياه التي نبتت فيها “الطحاليب” من طول ركودها، تبا لهذا الإطار الذي سيكبلني وسيمنعني من التضامن مع من تم التضييق على حريته في التعبير ومع صوت بقي ضمن أصوات أخرى في الميدان، وإن كانت قليلة ومبحوحة لكن فيها خير كثير لتبقى بذلك الشمعة مضيئة إلى إشعار آخر، وإلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

عبدالله أفتات، رئيس الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*