رمضان بطنجة.. مؤشر لفقر حقيقي ومجاعة صاعدة

رمضان بطنجة.. مؤشر لفقر حقيقي ومجاعة صاعدة

31 يوليو, 2013

تغزو ظاهرة التسول في مدينة طنجة منذ بداية شهر رمضان الكريم، بطريقة مريبة مست جميع الفئات العمرية من أطفال صغار وشباب وشيوخ، وهمت جميع الشوارع والأسواق الشعبية والمساجد والمستشفيات والساحات والفضاءات العمومية وعند مفترقات الطرق وبالإشارات الضوئية، إذ تجد فلول من المتسولين يتفننون بطرق كثيرة واحترافية لإثارة عاطفة المارة واستجداءهم بعبارات دينية تدعو بالصحة والرزق وتقبل صيام هذا الشهر المبارك.

فبعد أن كانت الظاهرة عادية قبل شهر رمضان الكريم، أخذت الآن أبعاد جد مقلقة وأصبحت تثير استياء لدى عدد كبير من السكان، الذين عبروا عن رفضهم لهذه العادة السيئة المتوارثة لدى الكثير من ممتهني هذه “الحرفة”، لا سيما أنها تتزامن مع حركية بارزة للمجتمع المدني بكل مكوناته، الذي يسعى جاهدا  لإطعام الصائمين ومساعدة فئات المحتاجين في هذا الشهر الفضيل.

وقد أخذت هذه الظاهرة أبعادا مقلقة وأضحت تشكل مفارقة في بلد يتميز أفراده ومجتمعه المدني بروح التضامن، وتتنوع فيه أساليب الدعم والمساندة، خاصة خلال هذا الشهر المبارك، وهو ما يؤكد أن  استفحال هذه الظاهرة الخطيرة هو مظهر من مظاهر الفقر الحقيقي والمجاعة الصاعدة، التي بدأت تظهر بوادرها بجلاء في أوساط الفئات المتخلى عنها وسط المجتمع، خاصة الأطفال الصغار والشباب الذين ضلوا الطريق وأصبحت القمامة هي مصدر قوتهم وطعامهم اليومي.

وكان عدد من فعاليات المجتمع المدني بطنجة، دقوا ناقوس الخطر إزاء هذه الظاهرة المخيفة، خصوصا في رمضان وعند حلول مواسم الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية، حيث تتعزز صفوف المدمنين على التسول بمرشحي الهجرة السرية ووفود المتسولين القادمين من مناطق أخرى، بالإضافة إلى شريحة المهاجرين الأفارقة الذين لا يجدون بديلا عن التسول، مما أدى إلى تكون تجمعات سكنية خاصة بالمتسولين داخل الفنادق وبعض الأحياء وسط المدينة وخلف أسوار الأراضي العارية والمزابل…

وذكر محمد المنصور، رئيس رابطة حماية المستهلك بجهة طنجة تطوان، أن الوضع أصبح مقلقا للغاية،

مؤكدا أن الأسباب متعددة وفي مقدمتها غياب روح المسؤولية لدى القائمين على إدارة الشأن المحلي، التي تعتبر هذا الجانب من الأمور الثانوية مقارنة بما يطلق عليه اسم “برنامج تأهيل المدينة”، المتمثل في تبذير المال العام وإتلافه بكل الطرق خدمة للأهواء وللاختيارات الخاطئة.

   وربط المنصور هذه الظاهرة بعامل الهجرة المكثفة، وتنامي أنشطة التسول المنظم تحت إشراف شبكات مختصة تغلغلت وسط النسيج الاجتماعي، بالإضافة إلى السماح لمحترفي التسول بالإقامة والسكن والتواجد في كل مكان دون أن يطالهم العقاب والمتابعة، بالرغم من استعمالهم كافة الوسائل الخاصة بالنصب والتمارض وانتحال الصفات والعاهات واستغلال الأطفال والتواجد في كل المواقع، وهي من التهم التي يعاقب عليها القانون، مؤكدا أن عدم تفعيل القانون وتطبيقه يشجع على استمرار هذه الظاهرة وتطورها في اتجاه إغراق  المجتمع كله.

وقال الناشط الحقوقي إن “المشهد الذي لا يقبله العقل ولا الضمير الإنساني هو ما  تشهده إحدى النقط الخاصة بتقديم الدعم الرمضاني لفائدة شريحة معينة من المحتاجين، ويتعلق الأمر بجمعية تقدم الدعم مشكورة بإحدى المدارس الواقعة بحي فندق الشجرة قبالة سوق السمك بطنجة، حيث يتوافد عليها أصناف من المشردين والمنحرفين والمتخلى عنهم، والمتسولين من مختلف الأعمار ذكورا وإناثا، وكل أنواع المدمنين على تعاطي المخدرات، وأولائك الذين يتخذون من الشوارع والمباني المهجورة والمقابر والأسواق ملجأ لإيوائهم، حيث يحتدم النزاع والتدافع، ويتم تخطي الأسوار واقتحام الأبواب لتحقيق السبق والحصول على الحصة بشكل هستيري يتجاوز حدود التصور، وكل ذلك يتم في غياب تام للأجهزة الأمنية والسلطات المحلية، التي يجب أن تواكب هذه الظاهرة عن كثب، وتتدخل لتنظيم الراغبين في الاستفادة من هذه المساعدة دون الإخلال بالأمن وإحداث الاضطراب، وكذلك تطهير المحيط من هذه المشاهد المستفزة والمثيرة للاشمئزاز..”.

الرمشي المختار – جريدة الأخبار

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*