شكّل القرار رقم 2797، الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية، نقطة تحول تاريخية في مسار هذا النزاع المفتعل، والممتد لأكثر من نصف قرن، إذ أكد المجلس دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي والوحيد لإنهاء النزاع.
القرار الذي حظي بتأييد 11 دولة من أصل 15، وامتناع روسيا والصين وباكستان عن التصويت، وغياب الجزائر، مثل انتصارا دبلوماسيا جديدا للمغرب، ورسالة واضحة على عزلة الطرح الانفصالي داخل المنتظم الدولي.
هذا التطور الأممي الكبير، لم يمر مرور الكرام في الأوساط الإسبانية، حيث أعادت وسائل الإعلام بالجارة الشمالية للمملكة، فتح النقاش حول مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، في ظل ما وصفته بـ”التحول في موازين القوى بالمنطقة لصالح الرباط”.
في هذا الصدد، أكدت صحيفة “لاراثون” الإسبانية، أن قرار مجلس الأمن يعد “انتصارا للرباط وهزيمة لإسبانيا”، معتبرة أنه “يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي سيتدخلان في حال تحرك المغرب لاستعادة المدينتين”.
الصحيفة أشارت، إلى أن التصويت الأخير لمجلس الأمن، هو الأول من نوعه الذي يحظى فيه مقترح الحكم الذاتي، بدعم واضح من الولايات المتحدة ودول أوروبية كبرى، في حين امتنعت القوى التقليدية المعارضة، ما يعكس تغيرا في الرؤية الدولية تجاه الملف، موضحة أن هذا “النصر الدبلوماسي” يشجع المغرب على فتح ملفات سيادته الترابية، خصوصا في ظل تصاعد الدعوات الداخلية إلى “استكمال الوحدة الترابية وتحرير سبتة ومليلية والجزر المحتلة”.
وأشار المصدر ذاته، إلى “تزايد المخاوف في مدريد من أن يشجع القرار الأممي المغرب على تصعيد مطالبه باسترجاع سبتة ومليلية”، مبرزا أنه “رغم تمسك إسبانيا باعتبار المدينتين جزءا من ترابها، فإنهما لا تخضعان تلقائيا للحماية العسكرية التي يوفرها حلف شمال الأطلسي لأعضائه”.
فبحسب المادة السادسة من معاهدة “الناتو”، تقتصر مظلة الدفاع الجماعي على الأراضي الواقعة في أوروبا وأمريكا الشمالية والمناطق الشمالية للمحيط الأطلسي، ما يجعل سبتة ومليلية المحتلتين، باعتبارهما في شمال إفريقيا، خارج نطاق الحماية التلقائية.
وفي ظل هذه المخاوف، يظهر أن القرار الأممي الأخير، لم يكتف بإعادة ترتيب أوراق قضية الصحراء المغربية، بل حرك أيضا ملفات كانت مجمدة منذ عقود في العلاقات المغربية الإسبانية.
وفي الوقت الذي، يحتفل فيه المغرب بهذا التتويج، لمسار طويل من النضال من أجل استكمال وحدته الترابية، يعيش الإعلام الإسباني حالة من القلق والترقب، وسط تساؤلات، حول إمكانية، توجيه البوصلة، في إتجاه سبتة ومليلية المحتلتين، خلال رحلة استرجاع السيادة المغربية.
