لم يكد الوسط التربوي يستوعب هول الفاجعة التي وقعت قبل أسبوع بضواحي القصر الكبير، وراح ضحيتها مفتشة تربوية تابعة للمديرية الإقليمية بالعرائش، حتى عاد الألم مضاعفا بالإعلان عن وفاة زميلتها متأثرة بجروح بليغة لم تنفع معها كل العلاجات الاستعجالية المقدمة لها، ما فتح موجة عارمة من الحزن والغضب داخل الأسرة التعليمية، التي وجدت نفسها أمام مأساة مهنية غير مسبوقة بالإقليم.
ولقيت المفتشة التربوية، شدى السرغيني، وهي من مواليد 1982، مصرعها، يوم أمس (الاثنين)، داخل قسم العناية المركزة بأحد مستشفيات طنجة، بعد أسبوع كامل من الصراع مع إصابات خطيرة ناتجة عن الحادث المهنية الذي وقع يوم الاثنين 24 نونبر، بالطريق الجهوية رقم 410، لترتفع بذلك حصيلة الفاجعة إلى ضحيتين وتنطلق معها موجة إدانة واسعة لظروف العمل والتنقل المهني داخل القطاع.
الراحلتان كانتا في مهمة ميدانية بجماعة القلة التابعة لدائرة القصر الكبير، قبل أن تتعرض سيارة المصلحة التي كانت تقلهما لانفجار إطار مهترئ أدى إلى انحرافها وسقوطها من أعلى قنطرة “صبّ الماء” نحو مجرى الوادي، ما أدى إلى وفاة المفتشية التربية صفاء زياني بمكان الحادث، فيما تم نقل زميلتها شدى السرغيني إلى طنجة، إذ رغم محاولات إنقاذها، إلا أن وضعها الصحي الحرج حال دون ذلك.
وخلفت وفاة المفتشتين موجة واسعة من الحزن داخل الوسط التربوي بإقليم العرائش وجهة طنجة تطوان الحسيمة، إذ عبرت أطر تعليمية ونقابية عن صدمتها مما وصفته بـ”الإهمال البنيوي” الذي يطال سيارات المصلحة، خاصة في التنقلات المهنية إلى الوحدات التعليمية الواقعة في المناطق النائية.
وأصدرت عدة نقابات وهيآت مهنية وحقوقية بيانات شديدة اللهجة، حملت خلالها وزارة التربية الوطنية والأكاديمية الجهوية والمديرية الإقليمية كامل المسؤولية عما اعتبرته نتيجة مباشرة لغياب الصيانة الدورية لأسطول سيارات المصلحة، واستعمال سيارات قديمة ومتهالكة في مهام حساسة، مبرزة أن تكرار هذه الحوادث يعكس “واقعاً خطيراً” يهدد سلامة المفتشين والأطر التربوية خلال أدائهم لمهامهم التفتيشية، مطالبة بفتح تحقيق عاجل وشامل وترتيب الجزاءات القانونية والإدارية.
وفي سياق ردود الفعل، نظمت نقابة مفتشي التعليم بالعرائش صباح أمس (الاثنين) وقفة احتجاجية داخل ساحة المديرية الإقليمية، شارك فيها عشرات المفتشين والمفتشات، رفعت خلالها شعارات تطالب بضمان السلامة المهنية وإعادة النظر في شروط تنقل المفتشين إلى المؤسسات البعيدة.
