ابن الناظور أحمد أبو طالب من بين أهم الشخصيات المؤثرة في هولندا (بورتريه)

ابن الناظور أحمد أبو طالب من بين أهم الشخصيات المؤثرة في هولندا (بورتريه)

3 ديسمبر, 2013

ذكر تقرير نشرته الصحيفة الهولندية “دي فولكسكرانت” أن المغربي أحمد أبو طالب عمدة مدينة روتردام، يعتبر من بين أهم الشخصيات المؤثرة في هولندا برسم سنة 2013، رفقة كل من صديق الحرشاوي، رئيس مجلس التنمية الاجتماعية والرئيس السابق لمعهد التنمية المتعددة الثقافات، واللا قاسم، المستشار والباحث السياسي.

 وإنطلقت مسيرة أحمد أبو طالب، المزداد يوم 29 من غشت سنة 1961 بدوار بني سيدل الواقع بإقليم الناظور، بعد أن غادر المغرب وعمره لا يتعدى خمسة عشر عاما مع إخوته السبعة، ومبتغاه أن يكون شاعرا، حيث في تلك الفترة لم تكن لديه أي ميولات سياسية، وكان يرفض أن ينخرط في أي نشاط جمعوي أو سياسي في المهجر، لكن ظروف الحياة في المهجر كانت لها الكلمة الفصل في تطور شخصية  بوطالب، الذي دخل إلى عالم الإعلام الهولندي المحلي والوطني ليتمكن في ما بعد من الالتحاق بالقسم الإعلامي لوزيرة الشؤون الاجتماعية والرفاهية هيدي دانكونا، التي عبدت له الطريق للانتماء إلى الحزب العمالي والتشبع بأفكار “السوسيال ديموكراط”، وربط علاقات قوية في المجتمع الهولندي ساعدته على رئاسة منتدى المهاجرين في هولندا، ليشغل بعد ذلك منصب مدير قسم الإحصاء، ومحافظ قانوني بمدينة امستردام.

كما عين بوطالب فيما بعد، كاتبا للدولة في الشؤون الاقتصادية، ليشغل منصب عمدة مدينة روتردام إحدى كبريات المدن الهولندية، والتي تحتضن أحد أنشط الموانئ العالمية، ألا وهو ميناء روتردام الذي تسيره بلدية، مع العلم بأن روتردام يسكنها مواطنون ينتمون لأكثر من 172 جنسية، مدينة عالمية كسائر المدن الحديثة مشهورة بفوارقها الصارخة بين عالمين: عالم المال والرفاهية وناطحات السحاب، وعالم التهميش والفقر.

التجربة التي اكتسبها في السياسة المحلية، فتحت لابن “بني سيدل” أبواب مدينة روتردام على مصراعيها، يكفي أنه استطاع أن يقتنص مفتاح هذه المدينة من بين أيادي خمسة وعشرين منافسا، منهم سياسيون محنكون ورجال أعمال كبار، والدليل على الشعبية الجارفة التي يتمتع بها وسط المغاربة والهولنديين على حد سواء هو اكتساحه لأصوات الناخبين في الانتخابات المحلية لبلدية روتردام، حيث حصل على أكبر عدد من الأصوات على الإطلاق في تاريخ المدينة ولمرشح من أصل أجنبي.
مسيرة بوطالب لم تكن معبدة بالورود، فقد عانى الأمرين من جراء الحملة العنصرية التي شنها ضده كل من “فيلدرس” اليميني المتطرف و “باستور” المنتمي لحزب “بيم فورتاون” بمدينة روتردام الذي طالب منه التنازل عن الجنسية المغربية أثناء تنصيبه كعمدة في روتردام، ورغم فوزه بالإنتخابات فإن عمدة المدينة لا يمكنه أن يتنقل بحرية ودون حماية أمنية مشددة، فاسمه مدرج في “لائحة الموت” منذ مقتل المخرج السينمائي “فان خوخ” في رسالة تم غرسها بخنجر في صدر هذا الأخير.

ابن الريف لم تنل منه حياة الأضواء والشهرة في أوروبا، بل ظل متمسكا بجذوره المغربية، ووفيا لحياته العائلية، العائلة المتكونة من أربعة أبناء (طالبان جامعيان وابنتان صغيرتان)، حتى لحظة فوزه بمنصب العمدة استقبلها بحكمة ورباطة جأش.

ويروي بوطالب في أحد حواراته أن زميلا له في الحزب كان معه حين وصل خبر اختياره لمنصب عمدة روتردام سأله: «لا أراك فرحا». فأجابه: “الفرح في القلب”، مضيفا “لكني كنت أشعر بثقل المسؤولية وأفكر فيها ونسيت أن أفرح. قبل أن أرشح نفسي لهذا المنصب استشرت عائلتي، تحدثت مع أبنائي ومع أبي وأمي. قالوا بعد تردد: نحن معك، نحن وراءك، نحن أمامك ونحن إلى جانبك. قال لي أبي الذي يبلغ من العمر الآن 73 عاما: أدعو لك كل صباح، وهو يقرأ القرآن صباحا ومساء.”
هذا هو أحمد بو طالب، الذي مازال يمتطي الدراجة التي يركبها مساء كل سبت، الدراجة نفسها التي حصل عليها هدية من زملائه في بلدية أمستردام أثناء حفل الوداع الذي أقيم له.

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*