حصيلة حكومة بنكيران بين الاشادة وتزايد الانتقادات والمطالب

حصيلة حكومة بنكيران بين الاشادة وتزايد الانتقادات والمطالب

31 ديسمبر, 2013

اتسمت سنة 2013، وهي السنة الثانية من عمر الحكومة الحالية، بتصاعد النقاش بخصوص حصيلة منجزاتها ومدى وفائها لوعودها التي تضمنها برنامجها، حيث تراوحت التقييمات بين من يعتبر هذه الحصيلة مشرفة، وبين من يرى أنها كانت دون مستوى سقف الانتظارات، وساهمت في تزايد حجم الانتقادات والاحتجاجات والمطالب.

وقد شكلت سنة 2013 أيضا منعطفا حاسما في مسار الحكومة نتيجة للإشكالات السياسية التي رافقت نسختها الأولى، والمتمثلة في الصراع بين حزبي العدالة والتنمية والاستقلال، والذي كان من نتائجه التحاق هذا الاخير بالمعارضة وانضمام حزب التجمع الوطني للأحرار للأغلبية في عملية “ترميم قيصرية” امتدت لشهور، وكان لها تأثير على المردودية بشكل عام.

وهكذا فإن حصيلة الحكومة، حسب مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، حصيلة “ايجابية ومشرفة” رغم الظروف الصعبة والتحديات الاقتصادية الخارجية، والإشكالات السياسية التي عرفتها الأغلبية الحكومية السابقة.

واعتبر  الخلفي، أنه على الصعيد الاقتصادي سجلت الاستثمارات الأجنبية ارتفاعا بأكثر من 30 في المائة بين سنتي 2012 و 2013، مضيفا أن المغرب تمكن، رغم الظروف الصعبة، من المحافظة على التنقيط الذي تمنحه مؤسسات الائتمان ومن الخروج من القائمة الرمادية الخاصة بتبييض الأموال وتراجع العجز التجاري الى 5ر5 في المائة بعد أن كان يتجاوز السبعة في المائة، والمحافظة على المعدل العام لنسبة البطالة في حدود 9 في المائة.

وبخصوص الاستثمار العمومي، قال الخلفي، إنه حافظ على مستوى مشرف ومرتفع بالنسبة للمؤسسات العمومية، حيث تم في السنة الاولى تخصيص 188 مليار درهم ثم 180 مليار درهم في السنة الثانية مع تجميد 15 مليار درهم منها، مضيفا أنه سيتم في السنة المقبلة تخصيص أزيد من 180 مليار درهم.

وسجل أن هنالك مجهودا على مستوى الاستثمار ينعكس على التشغيل حيث تم في السنة الماضية توفير أزيد من 127 ألف منصب شغل.

وعلى المستوى الاجتماعي، قال الخلفي إن الحكومة واصلت اتخاذ العديد من الإجراءات همت، بالخصوص، الحفاظ على صندوق التعويض عن فقدان الشغل بـ 500 مليون درهم، وإلغاء الشرط المتعلق بالتوفر على 3240 يوما للاستفادة من معاشات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى الرفع من الحد الأدنى للتقاعد بالنسبة لمتقاعدي النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد إلى ألف درهم والذي كلف ميزانية الدولة 35 مليون درهم في السنة الأولى.

كما استحضر الخلفي التدابير التي اتخذت على مستوى صندوق دعم التماسك الاجتماعي وخاصة على مستوى المساعدات الطبية، حيث بلغ عدد المستفيدين أزيد من 5 مليون و 600 شخص، وكذا الاجراءات المتعلقة بمساعدة الأرامل.

وتطرق الخلفي للإجراءات التي لها صلة بدعم القطاعات الاجتماعية الأساسية كالصحة من خلال تخفيض أسعار مجموعة من الأدوية، والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية والتضامن، مبرزا أن الحكومة حافظت في مجال الحماية الاجتماعية على مخصصات صندوق التقاعد في السنة الماضية 12 مليار درهم، وفي السنة المقبلة سيتم تخصيص 5 ر13 مليار درهم.

وبعد أن ذكر بالتدابير المتخذة في إطار صندوق المقاصة لدعم القدرة الشرائية، سلط الخلفي الضوء على المجهودات التي يتم بذلها في إطار صندوق التنمية القروية، بحيث ارتفعت مخصصاته الى 2 مليار درهم بعد أن كانت في حدود 500 مليون درهم، مذكرا بالزيادة في منح الطلبة بـ 50 في المائة إذ انتقلت المخصصات من 700 مليون درهم في 2011 إلى مليار و 200 مليون في 2013 ل 216 ألف ممنوحا.

وبخصوص حصيلة الحكومة على المستوى السياسي تطرق الخلفي للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، ولاعتماد نظام دفاتر التحملات على مستوى الإعلام العمومي، وورش إصلاح قوانين الصحافة والنشر، والنظام الجديد للهجرة واللجوء، وانتخاب المغرب بمجلس حقوق الإنسان، كما تم، في المجال التشريعي، إحراز تقدم على مستوى تنزيل المخطط التشريعي حيث تمت المصادقة على أزيد من 360 نصا تشريعا، على أن يتم خلال سنة 2014 المرور إلى السرعة القصوى.

وقال الخلفي إن المغرب سجل تقدما مهما على مستوى حرية الصحافة والتعبير مشددا على النتائج المنتظرة من الحوار مع المجتمع المدني والخطة الوطنية إكرام الخاصة بالمساواة.

غير أن الرؤية التي قدمها الخلفي لا تجد صدى لها لدى حزب الاستقلال الذي يرى، على لسان أمينه العام حميد شباط، أن الحصيلة تميزت بـ”غياب رؤية اقتصادية واضحة، والتخلي الكلي عن دور القيادة الاقتصادية في ظل وضعية اجتماعية واقتصادية جد صعبة”.

وأشار شباط، في تصريح له، إلى أن الحصيلة الاقتصادية كانت مخيبة للآمال خلال 2012، ومنها على الخصوص تراجع نمو الاقتصاد الوطني إلى 2,7 في المائة سنة 2012 عوض 5 بالمائة في 2011، وتراجع ارتفاع استهلاك الأسر إلى 3,6 في المائة سنة 2012 عوض 7,4 في المائة سنة 2011 .

وقال شباط إن الحصيلة اتسمت أيضا بانخفاض معدل الاستثمار الإجمالي، إذا سجل 33 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 35,3 بالمائة سنة 2012، نتيجة انخفاض الاستثمار العمومي ب 15 مليار درهم.

وأشار إلى أن وتيرة النمو الاقتصادي تقلصت خلال الفصل الأول والثاني والثالث من 2013، متوقعا أن يستقر معدل نمو الاقتصاد الوطني خلال 2013 في حدود 4,5 في المائة وألا يتجاوز سنة 2014، 3 في المائة بالاعتماد على سنة فلاحية متوسطة.

كما سجل ما اعتبره تدهورا في القدرات التمويلية للاقتصاد وتراجعا في صافي الموجودات الخارجية سنة 2013 إلى 3,7 أشهر من الواردات من السلع والخدمات عوض 4 أشهر سنة 2012.

وعلى مستوى المالية العمومية والمؤشرات الماكرو اقتصادية أبرز شباط تفاقم عجز الميزانية من 40,5 مليار درهم إلى 62,2 مليار درهم أي ب 53 في المائة ما بين 2011 و2012، وتدهور الادخار العمومي للميزانية برسم سنة 2012 وكذا تدهور عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات ب 25 في المائة ما بين 2011 و2012.

وعاب شباط على الحكومة لجوأها للدين مما ساهم برأيه في ارتفاع فوائد الدين الخارجي والداخلي ب 15 في المائة، كما تطرق إلى تراجع المداخيل الضريبية بحيث سيتم تجاوز عجز الميزانية المرتقب في 4,8 في المائة ليستقر في 6 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي.

من جهته، نبيل بنعبد الله، الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى وسياسة المدينة، إنه من الصعب إجراء تقييم موضوعي “إذا لم نأخذ بعين الاعتبار أن الحكومة عرفت في هذه السنة مشاكل حقيقية مرتبطة بالاضطرابات التي عاشتها من داخلها على مستوى الاغلبية في النسخة الاولى من حكومة ابن كيران “.

وقال في تصريح مماثل إن هذا الامر كان له تأثير ليس على الإجراءات العادية أو بعض القرارات المرتبطة بوزارة بعينها بحيث أن هذا العمل تم بشكل جيد وهناك حصيلة مرقمة ومضبوطة وإجراءات ومبادرات تستحق الذكر وساهمت في الدفع بعجلة الاصلاح بالمغرب، لكن البطء سجل على مستوى مباشرة الأوراش الكبرى ومنها التقاعد والمقاصة والاصلاح الجبائي والنظر في عمق في القانون المالي ل 2014.

وأبرز بنعبد الله أنه “كان بالإمكان القيام بأشياء أكثر لو كان الجو السياسي مستقرا”، معبرا عن الامل في أن تكون سنة 2014 سنة إخراج الاوراش النوعية التي تهم الحكومة بكاملها.

أما الباحث محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فاعتبر أن سنة 2013 تعد سنة بيضاء بالنسبة لحصيلة الحكومة بالنظر لانشغال الجهاز التنفيذي بالأزمة التي عاشتها الاغلبية والتي عمرت ثلاث ارباع السنة، حيث لم يتم الاعلان عن النسخة الثانية من الحكومة إلا يوما قبل افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، معتبرا أن “ما سيتذكره المواطن البسيط هو الزيادة في أسعار المحروقات وبعض المواد الاساسية”، فضلا عن انتقادات أخرى تخص مجالات ظل يراهن عليها رئيس الحكومة لتعزيز الحصيلة.

في حين يرى عبد العزيز القراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، أن أزمة إعادة تشكيل الاغلبية “حدت من فعالية الحكومة وأضاعت الكثير من الوقت في نقاشات سياسية كان من المفروض تجاوزها واستغلال ذلك في أمور جوهرية بالنسبة للمغرب”.

وشدد على أن عدم فتح بعض الملفات الكبرى المتعلقة بالإصلاح ومن ضمنها التقاعد والمقاصة وإخضاع القطاع غير المهيكل للضريبة قد شكل نقط ضعف للحكومة وسيلقي بضلاله على ما تبقى من عمرها.

غير أن الاستاذ قارقي أشاد في تصريح له ، بتعامل الحكومة مع الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الازمة العالمية ، معتبرا إياه تعاملا “نوعيا بحيث بقي التأثير محدودا باستثناء أثمنة الطاقة”.

وأعاد الاستاذ قراقي “نجاح” تدبير الحكومة لتداعيات الازمة الاقتصادية الى “تدشين علاقات جديدة مع ارباب العمل بالمغرب الذين اصبحوا يتفهمون دورهم وأصبحوا أكثر قربا من تدبير الحكومة للملف الاقتصادي وخاصة بعد التحاق أحد الفاعلين بالاتحاد العام لمقاولات المغرب بالفريق الحكومي”.

وخلص الاستاذ قراقي إلى أن الحكومة لعبت أيضا دورا مهما في ملف حقوق الانسان بحيث ان المجهودات المبذولة في هذا الملف جعلت العديد من القوى السياسية العالمية تراجع مواقفها وبصفة خاصة بعد التعامل الذكي مع مؤامرة توسيع بعثة المينورسو بالصحراء لتشمل حقوق الإنسان.

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*