“هم الكلاب” لهشام العسري..مقاربة سينمائية مجددة لقصة يمتزج فيها الإنساني والسياسي

“هم الكلاب” لهشام العسري..مقاربة سينمائية مجددة لقصة يمتزج فيها الإنساني والسياسي

11 فبراير, 2014

قدم فيلم “هم الكلاب” للمخرج الشاب هشام العسري مقاربة سينمائية مجددة ومستفزة أسلوبا وموضوعا، لقصة يمتزج فيها العمق الإنساني مع البعد السياسي.

وكان الفيلم، الذي عرض مساء أمس بطنجة في آخر فقرات اليوم الثالث للمهرجان الوطني للفيلم، في مستوى انتظارات جمهور تشكل معظمه من المهنيين والمهتمين، وتطلع بانتباه إلى عمل سبقته سمعته، وأصداء الترحيب الواسع الذي لقيه في الوسط النقدي والمحافل السينمائية الوطنية والدولية.

فكرة أصيلة تلك التي يقوم عليها الفيلم، متمثلة في تعقب رحلة طاقم تلفزيوني انبرى لتصوير مظاهرات مطالبة بالإصلاح عام 2011 بالدار البيضاء، قبل أن يغريه موضوع جانبي لم يلبث أن أصبح الفكرة الأساس للتقرير الإعلامي، وللفيلم، تمثل في حالة رجل تبدو عليه علامات التيه والضياع.

هو رجل بلا اسم، ذلك الشخص الذي جسده ببراعة تجمع بين التلقائية والحرفية الممثل حسن باديدة، والذي لا يتذكر إلا رقمه في المعتقل: 404. يتعقب الطاقم رحلة الرجل الخارج من السجن والمنطلق على غير هدى باحثا عن زوجته وأبنائه. الأداء التمثيلي لحسن باديدة محور ثقل العمل، لكن قوة الفيلم تكمن أيضا في كتابته السينمائية المتميزة. إنها كتابة تواكب تشظيات كائن منخور الذاكرة والبنيان، أمضى ثلاثين عاما خلف الشمس، ويحاول جمع شتات ذاته وأسرته، بلا جدوى. اعتقل الرجل 404 في أحداث1981 وغادر السجن مصادفا مظاهرات 2011 في المغرب والعالم العربي.

إنه بذلك عمل في العمق على الذاكرة والزمن والخسارات التي لا تعوض من جهة والأمل الذي تعطبه المطبات من جهة أخرى. تم تصوير الفيلم، الذي أنتجه نبيل عيوش، بكاميرا محمولة تتأرجح في يد طاقم التصوير كما تتأرجح مشاعر رجل يبحث عن موطئ قدم في ساحة شديدة التغير. إنه مسار بحث متواز: طاقم تلفزيوني يبحث عن موضوع مثير للجمهور، وشخص “موضوع” يبحث عن ذاته في محيط تغير جذريا.

ويقدم هشام العسري، الذي غاب عن تقديم فيلمه، خلاصة العمل بوصفه دعوة إلى التساؤل حول موقع الفرد في مجتمع مفتوح على تحولات عميقة. أما المنتج نبيل عيوش فتنبأ في تصريحات سابقة لهشام العسري بموقع طليعي في خانة المخرجين المغاربة والعرب الأكثر إبداعا في المستقبل.

ويتطلع يحي الفاندي، الذي يلعب دور الصحافي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى تتويج وطني للفيلم الذي حصد 16 جائزة في التظاهرات التي شارك فيها، منها أربعة جوائز أحسن ممثل لحسن باديدة. “هم الكلاب” شارك في مهرجانات عدة ولقي ترحيبا مثمنا لموهبة المخرج. ووقع مؤخرا حضوره في مهرجان دبي خلال دجنبر الأخير، إلى جانب “سرير الأسرار” للجيلالي فرحاتي و”روك القصبة” لليلى المراكشي.

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*