مطاعم طنجة.. أثمان خيالية تسيء لقطاع السياحة

مطاعم طنجة.. أثمان خيالية تسيء لقطاع السياحة

20 يوليو, 2023

يبدو أن مدينة طنجة تجاوزت بنجاح محنة جائحة كورونا، وبدأت تسترجع عافيتها ورونقها لتثبت أنها لازالت عروس الشمال، التي تستهوي بشواطئها الساحرة الممتدة على واجهتين بحريتين بطول ستة عشر كيلومترا تقريبا، عشرات الآلاف من السياح الأجناب والمغاربة، خاصة أبناء الجالية المغربية بالخارج، الذين يفضلون قضاء عطلتهم الصيفية ببلدهم الأم.

ومنذ انطلاق موسم الصيف الحالي، عرفت المدينة تدفقا غير المسبوق على المدينة، حيث شهدت كل الفنادق بمختلف تصنيفاتها والمنتجعات السياحة والشقق المفروشة، إقبالا متزايدا وضع ضغطا ملحوظا على جل المطاعم والمقاهي المتواجدة بوسط المدينة وضواحيها، التي استغلت الوضع لترفع من أسعار منتوجاتها إلى مستويات قياسية، خاص المأكولات التي عرفت ارتفاعا صاروخيا لا مثيل له، وتحولت، على سبيل المثال لا الحصر، تسعيرة ربع من الدجاج المشوي من 30 درهم إلى 45 درهم، ووصل ثمن طبق السمك إلى 300 درهم في أحسن الأحوال، فيما رفعت المقاهي من تسعرة المشروبات، ووصل ثمن كأس قهوة إلى 25 درهم، وكأس عصير إلى 45 درهم، فيما ذهب بعض أرباب المقاهي إلى تحديد المدة الزمنية التي يجب أن يقضيها الزبون داخل المقهى.

وأثارت هذه الزيادات “غير القانونية” سخط وتدمر عدد كبير من المصطافين والسياح، خاصة المحليين، الذين عبروا عن استيائهم من مظاهر استغلال هذا الإقبال الكبير لرفع الأسعار من طرف ملاك هذه المقاهي والمطاعم، واستنزاف جيوب الزوار والزبناء، فيما انتقد نشطاء محليون هذه المظاهر، التي تسيء للسياحة وتعيق حركية الانتعاش الاقتصادي بالمدينة، وطالبوا، عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بضرورة تدخل الجهات المسؤولة لوقف “توغل” هؤلاء “المبتزين” وردعهم حماية للسياحة الداخلية.

غصب واستياء

وفي جولة بعدد من مطاعم طنجة، رصدت “الصباح” غضبا عارما في أوساط المصطافين الذين استنكروا الأسعار الصاروخية للوجبات والمشروبات في المقاهي والمطاعم التي تقع في وجهات سياحية مميزة، وذكر أحدهم بأنه وجد نفسه مرغما لتأدية 100 درهما لوجبة عشاء بسيطةـ اعتاد في السنوات الماضية اقتناءها بثمن لا يتجاوز 60 درهما، معتبرا أن هذه الزيادة هي استغلال للإقبال الكبير على المدينة والسعي وراء جني أرباح غير مستحقة بطريقة “جشعة” لدى بعض المطاعم التي تعمل بشكل مزاجي وتطلب من الزبناء تأدية مبالغ مضاعفة ثلاث مرات.

سائح آخر من مدينة فاس، ممن اعتادوا التردد على عاصمة البوغاز رفقة أسرته، أوضح أن بعض الأماكن بمدينة طنجة يتم فيها استغلال السياح بطرق بشعة، حيث يقوم أرباب هاته المطاعم برفع الأثمان إلى مستويات قياسية، مبرزا أنه دفع 100 درهم لكل فرد من أسرته المتكونة من 5 أشخاص (أي 500 درهم)، مقابل وجبة تتكون من سلطة عادية وقضبان الدجاج الرومي ومشروب غازي، ومشددا على أن هذا أمر يعكس صورة سيئة عن مدينة طنجة كوجهة سياحية تمتاز بالتنافسية.

ارتفاع الأسعار.. إساءة للقطاع

 من جهة أخرى، قال الزبير بناني، وهو خبير في القطاع السياحي، إن “هذه الممارسات تشمل معظم المقاهي والمطاعم المتمركزة في المناطق التي تستقطب السياح وزوار المدينة، وهي سلوكات أصبحت تمثل إشكالا حقيقيا يهدد صورة السياحة بطنجة والمدن الشمالية على مستوى الخارج، خاصة في ظل احتدام المنافسة على توفير منتوج سياحي جذاب”.

وأوضح الخبير، أن إقبال المغاربة على المدن الشمالية لقضاء عطلتهم ظاهرة إيجابية لتشجيع وتطوير السياحة الداخلية، إلا أن هذه الزيادات المبالغ فيها على مستوى الأسعار، تسيء لصورة القطاع، وهو ما يستدعي من السلطات الوصية العمل على تشديد المراقبة على هذه المحلات وفرض تطبيق قانون إشهار الأسعار، لقطع الطريق أمام تجاوزات المخالفين وتقليص الخسارة التي قد يتكبدها القطاع السياحي جراء نشر أشرطة فيديو توثق لهذه الممارسات على منصات التواصل الاجتماعي، لاسيما أن الدولة استثمرت في البنية التحتية للمدينة لكي تصبح في مصاف المناطق الساحلية الأوروبية من حيث الجمالية والمنتوج السياحي.

مهنيون يتبرأون

ومن جانبهم، تبرأ أصحاب المقاهي والمطاعم من الاتهامات الموجهة لهم، وأكدوا أن الأسعار المعمول بها تتماشى مع الوضعية الاقتصادية التي يعيشها المغرب حاليا، خاصة مع ارتفاع أثمنة المحروقات والزيادات المتتالية في كل المواد الغذائية (اللحم والسمك والخضر والشاي والقهوة والمشروبات الغازية…)، بالإضافة إلى الضرائب مجحفة في حقهم والرسوم المتعلقة بالمشروبات والاستغلال المؤقت للملك العام واللوحات الاشهارية وغيرها… وهو ما حتم على المهنيين الرفع من الأسعار لتعويض الخسائر وكسب القليل من الأرباح.

وقال أحدهم، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن “الاستثمار في المقاهي والمطاعم قطاع يغري المستثمر، الذي يعتقد أنها تدر أرباحا طائلة على  أربابها، لكن هذا تصور خاطئ لأن حالة القطاع مزرية ويمضي في اتجاه الهاوية  وصار الاستثمار فيه مجازفة خطيرة غير محسوبة العواقب”.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*