المغرب يستعد لتنفيذ مشروع ضخم لتعزيز الأمن المائي الوطني

المغرب يستعد لتنفيذ مشروع ضخم لتعزيز الأمن المائي الوطني

7 نوفمبر, 2025

تعتزم وزارة التجهيز والماء الشروع، خلال السنة المالية 2026، في تنفيذ واحد من أضخم المشاريع المائية في المغرب، يروم تحويل الفائض من المياه من حوض سبو نحو الجنوب، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن المائي الوطني وتكريس مبدأ التضامن المجالي في توزيع الموارد المائية بين مختلف مناطق المملكة. وتقدر الكلفة الإجمالية للمشاريع المبرمجة في هذا الإطار بنحو 36 مليار درهم، تشمل أشغال التحويل وإنجاز عدد من السدود الكبرى الجديدة واستكمال أخرى قيد البناء.

ووفق ما ورد في وثيقة “برنامج الماء” ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، فإن هذا المشروع الضخم يندرج في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى مواجهة ندرة المياه وتغير المناخ، عبر تطوير البنيات التحتية المائية وضمان توزيع عادل ومستدام للموارد المائية بين الأحواض، لا سيما بين الشمال الغني بالمياه والجنوب الذي يعاني من ضغط متزايد على موارده المائية.

وأشار المصدر ذاته إلى أن الوزارة ستواصل، خلال سنة 2025، الدراسات المفصلة لمشروع ربط سد آيت زيات بالقناة المدارية، باعتباره خطوة تقنية تمهيدية أساسية لتفعيل مشروع التحويل بين الأحواض. كما سيتم خلال الفترة نفسها إطلاق دراسة مشروع كبير آخر لتحويل فائض المياه من حوض لاو إلى سبو، في إطار مقاربة متكاملة تهدف إلى ربط الأحواض المائية الوطنية ببنية واحدة منسجمة تُمكّن من مواجهة التقلبات المناخية وضمان استدامة التزود بالماء.

وفي جانب آخر من برنامجها الاستثماري، أكدت وزارة التجهيز والماء أنها ستواصل سياسة تعبئة الموارد المائية السطحية عبر بناء السدود الكبرى، مع تسريع وتيرة الأشغال لضمان تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب وتنمية الفلاحة المسقية، فضلاً عن تحسين مستوى الحماية من الفيضانات التي باتت تشكل تحدياً متزايداً في عدد من المناطق.

ومن المقرر أن تشهد سنة 2026 استكمال أشغال عدة سدود كبرى في مختلف جهات المملكة، من بينها سد الساقية الحمراء بإقليم العيون بسعة 113 مليون متر مكعب وكلفة 458.4 مليون درهم، وسد سيدي عبو بإقليم تاونات بسعة 200 مليون متر مكعب وكلفة 1.208 مليار درهم، وسد آيت زيات بإقليم الحوز بسعة 185 مليون متر مكعب وكلفة 1.828 مليار درهم، وسد بني عزيمان بإقليم الدريوش بسعة 44 مليون متر مكعب وكلفة 1.48 مليار درهم، إلى جانب سد تامري بإقليم أكادير الذي تصل كلفته إلى 2.7 مليار درهم، وأشغال تعلية سد محمد الخامس بإقليم الناظور بكلفة تناهز 1.55 مليار درهم.

وتبلغ الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع حوالي 9.23 مليار درهم، فيما يصل الحجم الإجمالي للحقينات التي ستتيحها إلى نحو 1.726 مليار متر مكعب، وهو ما يشكل دفعة قوية في اتجاه تعزيز الرصيد الوطني من المياه السطحية وتوفير قدرات إضافية للتخزين والتوزيع.

كما ستتواصل خلال الفترة ذاتها أشغال إنجاز خمسة عشر سداً كبيراً إضافياً، بسعة إجمالية تناهز 5.038 مليارات متر مكعب، وبكلفة إجمالية تقدر بـ 27.41 مليار درهم، ما يعكس، وفق وثيقة الوزارة، “حجم المجهود الاستثماري الموجّه لتعزيز الأمن المائي الوطني وضمان استدامة الموارد”.

وفي أفق السنوات المقبلة، تعتزم وزارة التجهيز والماء إطلاق طلبات العروض الخاصة بإنجاز ثلاثة سدود كبرى جديدة بكل من إقليمي العرائش (سد تفر) وشفشاون (سد دار ميمون وسد علي تحيلات)، بكلفة مبرمجة للأداء خلال سنة 2026 تبلغ 0.17 مليار درهم، واعتماد مخصص مالي لسنة 2027 يقدر بـ 4.14 مليار درهم.

ويؤكد هذا البرنامج الطموح أن المغرب يسير بثبات في تجسيد رؤية استراتيجية تقوم على التدبير المندمج والمستدام للموارد المائية، من خلال الجمع بين مشاريع التحويل بين الأحواض، وبناء السدود الكبرى، وتوسيع استعمال المياه غير التقليدية كالتحلية وإعادة الاستخدام. وهي رؤية تعكس وعياً رسمياً عميقاً بضرورة تحصين البلاد ضد التقلبات المناخية وضمان حق الأجيال القادمة في الماء، باعتباره ثروة وطنية وأولوية استراتيجية للتنمية المستدامة.

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*