ميناء طنجة المتوسط يربك الموانئ الإسبانية ويصعد كقوة لوجيستية عالمية

ميناء طنجة المتوسط يربك الموانئ الإسبانية ويصعد كقوة لوجيستية عالمية

21 نوفمبر, 2025

أصبح ميناء طنجة المتوسط واحداً من أبرز المراكز اللوجيستية الصاعدة عالمياً، بعد أن تحول خلال سنوات قليلة إلى علامة بارزة على خريطة التجارة البحرية الدولية. هذا التطور المتسارع لم يعد حدثاً مغربياً داخلياً، بل أثار قلقاً متزايداً داخل الجارة إسبانيا، خاصة لدى ميناء الجزيرة الخضراء الذي يجد نفسه أمام منافسة غير مسبوقة.

ورغم أن المغرب وإسبانيا يتقاسمان أهم ممر بحري عالمي، وهو مضيق جبل طارق، إلا أن الفوارق بين الميناءين باتت اليوم بنيوية. فميناء طنجة المتوسط يتمتع بقدرة توسع كبيرة ومساحات ضخمة للتخزين، إضافة إلى مرونة إدارية وتنظيمية جذبت كبريات الشركات العالمية، وعلى رأسها شركة الشحن العملاقة “ميرسك”.

في المقابل، يواجه ميناء الجزيرة الخضراء صعوبات حقيقية بسبب محدودية المساحة وصرامة القوانين البيئية الأوروبية، فضلاً عن ارتفاع التكلفة التشغيلية الناتجة عن كثافة اليد العاملة وقوة النقابات، ما يجعل المنافسة مع الميناء المغربي أكثر تعقيداً سنة بعد أخرى.

تقرير إسباني حديث كشف أن شركة “ميرسك”، التي تدير عمليات واسعة في الميناءين، أقرت بأن أكبر تحديات الجزيرة الخضراء يتمثل في نقص المساحة اللازمة لزيادة قدرته التخزينية، مشيرة إلى أن التوسع أصبح “شبه مستحيل”. وفي المقابل يتقدم مشروع التوسعة في “طنجة المتوسط 3” بوتيرة سلسة ومتدرجة.

ورغم استمرار “ميرسك” في الاعتماد على الجزيرة الخضراء كأحد مراكزها البحرية، فإنها منحت لطنجة المتوسط مكانة أكبر داخل شبكتها، باعتباره الميناء الوحيد الذي يشغل أكثر من محطة ضمن النظام البحري الجديد للشركة، في دليل إضافي على التفوق التشغيلي للميناء المغربي.

وفي السياق ذاته، أكد رجل الأعمال الإسباني المعروف فيسنتي بولودا أن “إسبانيا تخسر المعركة اللوجيستية أمام طنجة المتوسط”، ليس بسبب الموقع أو البنية التحتية، ولكن بسبب افتقار الموانئ الإسبانية إلى الحوافز الضريبية والمرونة التنظيمية التي يوفرها المغرب.

القوة الحقيقية لطنجة المتوسط، وفق الخبراء، لا تكمن فقط في أرصفته أو قدرته الاستيعابية، بل في المنظومة المتكاملة التي تحيط به، وتشمل مناطق صناعية ضخمة، ونظاماً ضريبياً تنافسياً، وإجراءات إدارية مبسطة، وبيئة استثمارية مشجعة، إلى جانب مشاريع توسعة مستمرة تتماشى مع متطلبات السوق العالمية.

وبفضل هذا النموذج، أصبح طنجة المتوسط منصة لوجيستية عالمية تربط أكثر من 180 ميناء عبر القارات، وتستقطب كبريات الشركات العاملة في قطاعات السيارات والطيران والصناعات الثقيلة، مما يعزز موقعه كأحد أهم الموانئ المحورية في العالم.

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*