يعتبر فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالحسيمة الذي دشن بتاريخ 22 يوليوز 2019 بمناسبة تخليد الذكرى ال 98 لمعركة أنوال والذكرى ال20 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، مؤسسة تربوية تثقيفية تروم بالخصوص صيانة الذاكرة الوطنية والحفاظ عليها.
ويضطلع هذا الفضاء، الذي أنجز بغلاف مالي قدره مليونين و900 ألف درهم في إطار اتفاقية شراكة مع وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال ومجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة سابقا والمجلس الإقليمي للحسيمة، بدور هام في تعريف الناشئة والأجيال الصاعدة على أبرز محطات الكفاح الذي خاضه العرش والشعب من أجل نيل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية للمملكة.
ويضم الفضاء قاعة للعرض المتحفي تشتمل على العديد من الوثائق التاريخية والمخطوطات والتحف والأدوات والمعدات من قطع الاسلحة وألبسة وأشياء أخرى جرى استخدامها إبان فترة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وقاعة للمطالعة وخزانة للكتب والمؤلفات، وقاعة للوسائط السمعية البصرية وأخرى للمعلوميات والأنترنيت، فضلا عن قاعة للتكوين وأخرى مخصصة للاجتماعات.
وأوضح عبد الإله الشيخي، النائب الإقليمي للمقاومة والتحرير بالحسيمة، أن فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالحسيمة، الذي يعد الثاني من نوعه بعد فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بتارجيست الذي دشن في 3 أكتوبر 2018، يشكل قيمة مضافة حقيقية للمشهد الثقافي والتربوي بالإقليم، على اعتبار أنه يحتضن أنشطة وفعاليات متنوعة، على مدار السنة، ضمنها ندوات ومحاضرات وعروض وموائد مستديرة، تستأثر باهتمام التلاميذ والطلبة والباحثين وعدد من فعاليات الإقليم.
وأضاف الشيخي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المؤسسة تحظى باستمرار بزيارة تلميذات وتلاميذ المؤسسات التعليمية الذين تقدم لهم معلومات وشروحات مدققة حول كل ما تزخر به قاعة العرض المتحفي التابعة للفضاء من صور ومخطوطات تاريخية وتحف ومعدات إثنوغرافية محلية.
تستوقفك وأنت تلج بهذا الفضاء المتميز صور ومخطوطات ووثائق تاريخية قديمة تعود لتاريخ المقاومة والتحرير ضد المستعمر والمعارك والبطولات التي خاضها أبطال ومقاومو الريف إلى جانب العرش العلوي المجيد لنيل الحرية والاستقلال والانعتاق من ربقة الاستعمار.
كما تبدو في حلة بهية ومنمقة بقايا البنادق والخراطيش ومختلف أنواع الأسلحة ووسائل الدفاع عن النفس التي كان يستعملها المقاومون ضد المستعمر، وكذا قناديل من مختلف الأشكال والأحجام التي كانوا يلجؤون إليها كلما اقتضت الضرورة .
كما يمكن لزوار الفضاء التعرف عن كثب على أزياء وألبسة وبذلات تقليدية محلية نسائية ورجالية كان يرتديها أفراد المقاومة بالريف في فترات السلم والحرب، ومخازن خشبية لتخزين الحبوب والأسلحة تشهد على أصالة وبراعة مقاومي منطقة الريف، ومناجل وخناجر متقنة الصنع، ومن مختلف الأحجام، كان يستعين بها أفراد المقاومة. هي معروضات تبرز بالملموس بطولات وتضحيات أفراد المقاومة وإرثهم العريق ووطنيتهم الخالصة في الدفاع عن حياض الوطن..
بدورهم، يجد الطلبة والباحثون ضالتهم في هذا الفضاء المتميز على اعتبار أنه يتيح لهم ارتياد المكتبة التابعة للفضاء والاطلاع عن كثب على مجموعة من الكتب والمراجع التي تزخر بها حول مواضيع تهم، بالخصوص، تاريخ المقاومة والكفاح الوطني والملاحم الوطنية الخالدة وسير ونبذ المقاومين، والذاكرة المشتركة للمغرب مع عدد من الدول العربية والإسلامية و الغربية التي كان لها تأثير كبير وحضور مهم في تاريخ المغرب المعاصر.
كما وضعت قاعة الأنترنيت التابعة للفضاء وقاعة التحقيق التاريخي رهن إشارة الطلبة والباحثين وتلاميذ المؤسسات التعليمية لإجراء الدراسات والبحوث الخاصة بهم لاسيما ما يتعلق بتاريخ المقاومة والتحرير والكفاح الوطني ، والاطلاع في الآن ذاته على ما يشغل بالهم ويروي ظمأهم من معارف ومعلومات مفيدة.
وخلال فترة الحجر الصحي الذي أقرته السلطات العمومية للتصدي لانتشار جائحة وباء كورونا المستجد (كوفيد -19)، واصل فضاءا المقاومة والتحرير بالحسيمة وتارجيست القيام بأنشطتهما عن بعد من خلال تنظيم ندوات ومحاضرات وعروض متنوعة تنقل فعالياتها على صفحتي الفضاءين بموقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك).
وحرص القيمون على الفضاء على إغناء الصفحتين بالمواد الرقمية ذات الصلة بتاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية الموجهة للطلبة والباحثين وأيضا للتلاميذ والأطفال مثل الوثائق والإصدارات ونشر بيبليوغرافيا الإصدارات الغنية والمتنوعة التي أنجزتها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ووضعها رهن إشارة الطلبة والباحثين، ونشر أشرطة أنفوغرافية وصور ونبذ للمقاومين وأهم المعارك والأحداث التي شهدها تاريخ المغرب.
كما يتم، في السياق ذاته، بث وتنظيم زيارات تفاعلية لمرافق الفضاءين خاصة بقاعتي المكتبة و العرض المتحفي للتعريف بهذه المرافق وإطلاع الأجيال الصاعدة وعموم المواطنين على ملاحم وبطولات الآباء والأجداد والصفحات الوضاءة المشرقة من تاريخنا الوطني.
هي إذن فضاءات تربوية وتثقيفية بامتياز تضطلع بدور هام وأساسي في صيانة الذاكرة الوطنية والحفاظ عليها وتعزيز روح الانتماء والمواطنة في أبهى حللها وتجلياتها.