باستقبال طائرة Turbo Thrush Ayres 710P جديدة، تعززت قدرات المغرب في مجال مكافحة حرائق الغابات، لتصل حصيلة هذا النوع من الطائرات إلى ثمانية.
ورغم أن الحدث يبدو في ظاهره مجرد عملية تقنية بحتة، إلا أن خلفياته تكشف عن رهان استراتيجي متقدم على الأمن البيئي وحماية الموارد الطبيعية.
ففي السنوات الأخيرة، أصبحت حرائق الغابات تشكل تهديدا مزمنا للمغرب، حيث تتزايد حدتها بفعل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة. ورغم تدخل الوسائل الأرضية، فإن العامل الحاسم في السيطرة السريعة على الحرائق يبقى هو القوة الجوية، لما توفره من سرعة انتشار وفعالية في الوصول إلى المناطق الوعرة.
هنا يبرز الدور المحوري لـ Turbo Thrush، وهو طراز أمريكي صمم في الأصل للزراعة، قبل أن يعاد توظيفه في مجال مكافحة النيران. بفضل محركه القوي وسعته التخزينية التي تتجاوز 2.600 لتر، يمكن هذا الطراز من التدخل المباشر والسريع، خصوصا في المناطق التي تعجز الآليات الأرضية عن بلوغها.
وإذا أضفنا إلى ذلك أسطول Canadair CL-415، فإن المغرب يبني تدريجيا منظومة جوية مزدوجة: طائرات كبيرة قادرة على احتواء الحرائق الضخمة، وأخرى أخف وأكثر مرونة تناسب التدخلات الدقيقة. هذه التركيبة تمنح المملكة قدرة عملياتية متقدمة تقارن بتلك التي تعتمدها دول أوروبية متوسطية تواجه نفس المخاطر.
لكن البعد الأهم يتجاوز الجانب التقني، إذ يعكس هذا الاستثمار إرادة سياسية لحماية الغطاء الغابوي باعتباره جزءا من الأمن القومي. فالحرائق لا تدمر فقط مساحات خضراء، بل تهدد التنوع البيولوجي، والأمن المائي، والتوازنات الاقتصادية للمجالات القروية.
من هنا، فإن تعزيز الأسطول الجوي المخصص لمكافحة النيران ليس مجرد تحديث للعتاد، بل هو خيار استراتيجي يضع المغرب في موقع متقدم إقليميا في مجال الوقاية البيئية وحماية الثروة الغابوية.