“قفة رمضان”.. استغلال غير مشروع للمعوزين والفئات الأكثر هشاشة

“قفة رمضان”.. استغلال غير مشروع للمعوزين والفئات الأكثر هشاشة

9 مارس, 2024

ككل سنة، مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يعود الجدل حول “القفة الرمضانية”، التي تقوم بتوزيعها الأحزاب السياسية على الأسر الفقيرة والمعوزة عبر الجمعيات المقربة منها، بهدف كسب تعاطفهم واستغلالهم خلال المحطات الانتخابية، ما حول هذه المناسبة الدينية إلى قاعدة أساسية لتوظيف العمل التضامني والاجتماعي لأغراض “سياسوية” ضيقة، ترتبط بأجندة تتعارض ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻣﻊ قيم اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺣﻘﻮق الإﻧﺴﺎن ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.

ويستقبل الرأي العام بطنجة، بكثير من السخط والاستهجان، ظاهرة “قفة رمضان”، التي أصبحت تعتمد على الاستغلال غير المشروع وغير الأخلاقي للفئات الأكثر هشاشة، وتحولت، في السنوات الأخيرة، من خانة الإحسان والتضامن إلى خانة الجذب والاستغلال، سواء داخل الوسط الحضري أو في القرى المجاورة، خاصة عندما تصاحب عدسات الكاميرات عملية توزيع المساعدات، وتنشر مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر معوزين يتسلمون قففا رمضانية تتشكل في غالب الأحيان من الدقيق والسكر والشاي فقط، وتتحول المناسبة من إعانة إلى إهانة.

وانتقد عدد من الفاعلين الحقوقيين والجمعويين بعاصمة البوغاز، طريقة توزيع المساعدات على المعوزين والفقراء خلال المناسبات الدينية، وعبروا عن رفضهم واستنكارهم لظاهرة توظيف العمل الخيري والتضامني كيفما كان ميوله السياسي، مبرزين أن “قفة رمضان”، التي لا يتعدى ثمنها 200 درهما، أصبحت توزع على الأسر المستفيدة بحضور مسؤولين كبار محليين وإقليميين ومنتخبين وصحافيين وقنوات رسمية، ما يؤدي إلى التشهير السلبي بالأسر المحتاجة، مشددين على ضرورة إيجاد طرق ناجعة من شأنها مساعدة الفقراء في ظروف سرية وملائمة، من قبيل اعتماد الأظرف المالية، لاسيما أن حالة هشاشة اجتماعية تتزايد عاما بعد عام، وأن النموذج الاقتصادي المعمول به ليس له نفس الآثار على جميع الفئات الاجتماعية.

وذكر أنوار الكلاف، وهو محام بهيأة طنجة، أن “القفة الرمضانية” أو غيرها من الأعمال الخيرية التي تقدم في مناسبات مختلفة للفقراء والمحتاجين، تنسجم مع قيم المغاربة السمحاء وجودهم وكرمهم وتشبثهم بخصال السلف الصالح في التضامن والتآزر والتعاون، إلا أنها، يقول الكلاف، “لا يجب أن توظف، من قبل أشخاص أو جهات أو جمعيات بعينها، في في اقضايا سياسية بنوايا مبيتة”.

وقال الفاعل الحقوقي، إن “كل الأسر المعوزة والفقيرة تنتظر هذه المناسبات للحصول على الدعم المالي والعيني، ولا تجد حرجا في تقبل هذا الدعم، خاصة في ظل الظرفية الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها جل المغاربة، إذ بغض النظر عن خلفيات القائمين على توفيره وتوزيعه، يبقى المستفيد الوحيد من “القفة” هو المواطن  المحتاج، الذي قهره الزمن مع ارتفاع أسعار المنتوجات الأولية والمواد الأساسية، مع كثرة الوسطاء التجاريين في هذا الشهر الفضيل ..

وأضاف، “إنه بالرغم من السلبيات التي تنطوي وراء هذه الالتفاتة المجتمعية النبيلة، لا يمكن إنكار أن هناك فئة واسعة من المغاربة تحب فعل الخير دون مقابل ودون مصلحة ضيقة، وبالتالي لا يمكن أن تطغى النظرة العدمية على “القفة الرمضانية”، ووضعها دائما في زاوية الاستغلال السياسي، لأن جل المغاربة يحبون فعل الخير ومساعدة الآخر، خاصة خلال شهر رمضان المبارك والمناسبات الدينية الأخرى…

من جهة أخرى، ثمن عبد السلام الشيخي، فاعل جمعوي بالمدينة، كل المبادرات الاجتماعية الهادفة إلى مساعدة الأسر المعوزة والفقيرة بمناسبة شهر رمضان الفضيل، مؤكدا أنه لا ينبغي التقليل من أهميتها لأنها تساعد، ولو لفترة معينة، الكثير المواطنين على الخروج من حالة هشاشة اجتماعية، التي يتواجد عليها عدد لا بأس به من الأسر المغربية وتزداد عاما بعد عام.

وقال الشيخي “صحيح أن جهات معينة تستغل مثل هذه المساعدات لأهداف انتخابية أو سياسية، لكن الأسر المستفيدة لا تهتم بالاستعمالات المحتملة لهذه المساعدات بقدر ما يستأثرها الدور الذي تلعبه في التخفيف من معاناتهم، إذ بوضع جميع المبادرين في سلة واحدة والتشكيك في نواياهم وخلفياتهم أمر مجحف للغاية.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*