جرائم مثيرة أبطالها أمنيون بطنجة

جرائم مثيرة أبطالها أمنيون بطنجة

كرونولوجيا لجرائم اقترفها أمنيون وظلت عالقة في أذهان المواطنين

21 أكتوبر, 2018

تعددت في الآونة الأخيرة بالمدن الشمالية عامة، قضايا وجرائم مثيرة أبطالها ينتمون إلى أجهزة أمنية مختلفة، من سلك الشرطة والدرك الملكي والقوات المساعدة وغيرها… خصوصا حاملي الصفة الضبطية، الذين وضعت فيهم الدولة ثقتها ومنحتهم هيبتها من أجل تحقيق الأمن والحفاظ على سلامة المواطنين وممتلكاتهم، إلا أنهم قاموا باستغلال مناصبهم لتنفيذ جرائم كان وقعها في نفوس المواطنين أشد قوة.

ونظرا لطبيعة عاصمة البوغاز، التي تعد مركزا لرجال الأعمال من ذوي الثروات المشبوهة، ومستقرا لعدد كبير من الشبكات الإجرامية المحلية والدولية، التي تنشط في مجالات متعددة كالهجرة والاتجار والتهريب الدولي للمخدرات، ظلت المدينة دائما تستهوي أصحاب الضمائر ضعيفة، من درجات ورتب مختلفة، الذين زاغوا عن الأهداف النبيلة  لمهنتهم، وقاموا بتجاوزات وفضائح مرتبطة بأداء مهامهم، من ابتزاز وشطط وتلفيق للتهم وتزوير في المحاضر، وأخرى خارجة عن محيط عملهم وتندرج في خانة الحق العام، من قبيل النصب والاحتيال والسرقة والاغتصاب وغيرها من الجرائم الخطيرة…

فمنذ متابعة عبد العزيز إيزو، الوالي السابق لأمن طنجة، الذي أدانه القضاء، مباشرة بعد ترأسه مديرية أمن القصور والإقامات الملكية، في ملف مرتبط بالتهريب الدولي للمخدرات، تلاحقت الفضائح في عدد من المصالح الأمنية بالمدينة، وابتدأت بفضيحة اختلاس ميزانية ولاية أمن طنجة، تورط فيها مسؤول أمني رفيع المستوى وثلاثة موظفين آخرين، الذين اختلسوا، على مدى أربع سنوات، مبلغا قدر بحوالي مليار و200 مليون سنتيم، وتمكنوا من  الاستيلاء عليه من خلال التلاعب في تنقلات أطر وعناصر أمن المدينة، وفبركة مهام أمنية وهمية يحولون تعويضاتها إلى حساباتهم الخاصة.

والغريب في القضية الأخيرة، أن النيابة العامة لم تأمر بتوسيع التحقيقات لتطول كبار المسؤولين سواء في ولاية أمن طنجة أو في المديرية العامة للأمن الوطني، رغم أنهم يتحملون جزء كبيرا من المسؤولية عن الاختلاسات التي طالت هذه الولاية الأمنية، والقسط الأوفر في اختلالات التسيير المالي ومراقبة ميزانية مصالح الشرطة سواء المركزية أو الخارجية.

وبعد هذا الملف المثير، تفجرت بالمدينة فضيحة أخرى لها أبعاد دولية، وتتعلق بتورط عناصر أمنية تابعة لشرطة الحدود في عملية تهجير 54 شخصا من مدن ومناطق مغربية مختلفة، الذين ضبطتهم السلطات الأمنية الاسبانية بميناء برشلونة على متن باخرة إيطالية “فانتاستيك”، وهم يحاولون دخول الأراضي الأوربية بواسطة بطاقات للإقامة وجوازات سفر فرنسية وإيطالية مزيفة عليها أختام شرطة الحدود المغربية.

وقادت التحقيقات في الموضوع، إلى إيقاف سبعة أمنيين يعملون بميناء طنجة المدينة، للإشتباه في  تسلمهم مبالغ مالية كبيرة من وسطاء مقابل تسهيل عملية اجتياز مرشحين للهجرة لحواجز أمنية والدخول إلى قلب الباخرة الإيطالية بدون مراقبة وثائقهم المزورة، حيث أدانهم القضاء جميعا بعقوبات حبسية متفاوتة، فيما تم إعفاء رئيس المنطقة الأمنية للميناء ذاته.

وتوالت فضائح رجال الأمن بطنجة بشكل مثير في السنوات الأخيرة، ومن بينها قضية (ع.ح)، الرئيس السابق للمنطقة الأمنية الأولى بطنحة، الذي كانت تجمعه بأحد المشبوهين في الاتجار الدولي في المخدرات صداقة قوية، واتهمه بالنصب والاحتيال وبيعه سيارة مرقمة بالخارج من نوع “ميرسيديس 220 كلاس”، حيث ذكر في شكايته بأنه اكتشف أن أوراقها وأرقامها التسلسلية مزورة “مدقوقة”، خاصة بعد أن رفض الضابط الأمني الممتاز إرجاع المبلغ المالي المسلم له والتجأ إلى تهديده بالقبض عليه اتهمه فيها بالنصب والاحتيال والتهديد، إذ لم يكشف بعد التحقيق عن مسار هذه شكاية.

قضية أخرى أثارت الرأي العام المحلي، وتتعلق بمفتش شرطة تابع للأمن العمومي بالمنطقة الثانية لبني مكادة، الذي استطاع بـ “فطنته” أن ينصب ويحتال على عدد من المواطنين، وتمكن من سلبهم مبالغ مالية متفاوتة تقدر بالملايين، عبر إيهامهم بقدرته على التوسط لهم لدى السلطات المحلية للحصول على قرار الاستفادة من محلات تجارية بمشروع سوق القرب الكائن بأرض الدولة، فضلا عن تمكينهم من وثائق ومستندات إدارية مزورة، ليثبت لهم تنفيذه المهمة ويضمن المقابل المالي المتفق عليها.

شرطي آخر، أحيل على النيابة العامة للاشتباه في مشاركته في النصب على العديد من الأفراد الذين كانوا يحلمون بالعبور إلى الضفة الأخرى، وقد تم اعتقاله بعد أن ضبطت المصالح الأمنية مرشحين للهجرة السرية، تبين من خلال البحث معهم تورط الشرطي في  تزوير وثائقهم والتوسط لهم من أجل مغادرة التراب الوطني نحو القارة العجوز.

كما سبق لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن حققت مع مسؤول أمني يشتبه في تواطئه مع أشخاص ينتحلون صفات ضباط أمنيين، ويقومون بعمليات نصب وابتزاز بارونات مخدرات بالمدينة، وذلك بناء على شكاية تقدم بها مواطن يتهمهم فيها بمحاولة ابتزازه والنصب عليه، حين طالبوه بمبلغ 700 مليون سنتيم للتستر على مساطر تحقيق مرتبطة بنشاطه في المخدرات، إلا أنه لم يرضخ لتهديداتهم وقام بإخبار المصالح الأمنية.

وكانت غرفة الجنايات باستئنافية طنجة، أدانت أخيرا شرطيين تابعين لولاية الأمن بالمدينة، بعد أن تابعتهما بتكوين عصابة إجرامية ونصب سدود غير قانونية والسرقة والاعتداء على مستعملي الطريق العمومية، وذلك بعد أن تأكدت من تورطهم، رفقة أشخاص آخرين، في عملية اعتداء على مواطن من أصول عراقية يحمل الجنسية هولندية، حين اعترضوا سبيله في حاجز وهمي نصبوه ليلا بالطريق السيار الرابط بين مدينتي تطوان والفنيدق، وقاموا بتهديده بواسطة أسلحة نارية قبل أن يستولوا على سيارته ويسلبوه كل ما بحوزته من أموال ووثائق، ثم رموا به وسط الطريق.

وتطرح هذه الفضائح المثيرة والخطيرة في نفس الوقت، التي هزت الأجهزة الأمنية وظلت عالقة في أذهان المواطنين، أكثر من علامة استفهام حول العوامل والأسباب التي تدفع عناصر هذا الجهاز إلى اقتراف جرائم  يندى لها الجبين، على الرغم من تلقيهم تكوينا يعدهم للدفاع عن المواطنين وحماية سلامتهم، إلا أن بعضهم يعمدون إلى ارتكاب أخطاء تزج بأغلبهم السجن ويكون وقعها في نفوس المواطنين أشد قوة.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*