طنجة.. مشاريع ملكية متوقفة

طنجة.. مشاريع ملكية متوقفة

أوراش دشنها الملك لم ترى النور ومستشارو “البيجدي”  في حرج مع المواطنين

15 مارس, 2019

بدأ اليأس والشعور بالإحباط يتسلل تدريجيا إلى نفوس كل المواطنين بمدينة البوغاز، بعد أن تحولت آمالهم وتطلعاتهم إلى غضب واستياء عارمين جراء توقف غالبية المشاريع التنموية المندرجة في إطار برنامج “طنجة الكبرى”، الذي دشن انطلاقته الملك محمد السادس ويهم مجالات الاقتصاد والتجهيزات الحضرية والخدمات الاجتماعية والثقافة والبيئة والرياضية…

فنذ بداية الألفية الثالثة، شهدت طنجة طفرة اقتصادية والاجتماعية غير مسبوقة، وأصبحت المدينة تتوفر على بنيات تحتية مهيكلة قوية، من قبيل ميناء طنجة المتوسط والميناء الترفيهي بالمدينة وخط القطار فائق السرعة والمناطق الصناعية واللوجستية… وهو ما حولها إلى قطب رائد للتنمية على المستويين الجهوي والوطني، وأرضية مواتية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، التي تساهم بشكل كبير في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالجهة الشمالية عامة.

وبالرغم من هذه الدينامية السريعة، التي حولت وجه المدينة إلى حاضرة عصرية بامتياز، ظلت آمال المواطنين معقودة على المشاريع التنموية الرامية إلى تحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، التي لازال أغلبها لم ير النور بعد، خاصة تلك التي أوكل إنجازها إلى المجالس المنتخبة، وعلى رأسها المحطة الطرقية وسوق الجملة للخضر والفواكه والمجزرة العمومية والمحجز الجماعي والمقبرة النموذجية… وهي مشاريع مندرجة ضمن برنامج “طنجة الكبرى”، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في شتنبر 2013، وحددت فترة انجازه في خمس سنوات بغلاف مالي يقدر بنحو 7.66 مليار درهم.

وتعرف هذه الأوراش، التي تكفل بإنجازها المجلس الجماعي للمدينة، الذي تسيره أغلبية من حزب العدالة والتنمية، صعوبات وتعثرا في الأشغال لأسباب مختلفة، إذ أن أغلبها تجاوز ثلاث سنوات عن المدة الزمنية المحددة لانتهاء الأشغال فيها، وذلك وفق ما هو مسطر بدفاتر التحملات والعقود المبرمة مع الشركات والمقاولات المتعاقد معها في إطار صفقات عمومية، الأمر الذي جعل العديد من المواطنين يجهرون تذمرهم من حالة الشلل الكلي لهذه المشاريع التنموية، التي بإمكانها تحسين واقع المواطن باعتباره يمثل الأساس لأي معادلة تنمية محلية.

المحطة الطرقية:

يقدر الوعاء العقاري لهذا المرفق العمومي الهام، الذي اختير له موقع بمنطقة الحراريين غرب المدينة، بـ 4.6 هكتارات، وخصص له مبلغ مالي يقدر بـ 53 مليون درهم، حيث وضع له تصميم حديث يشتمل على 50 رصيفا لحافلات نقل المسافرين، وموقف لسيارات الأجرة وآخر للزوار، بالإضافة إلى فضاءات للانتظار والاستقبال، ومكان للاستراحة مخصص لسائقي الحافلات، ومصالح إدارية وتجارية مختلفة.

الأشغال متوقفة الآن بهذا المرفق لأسباب متضاربة، أرجعها أحد المستشارين بالمجلس الجماعي للمدينة إلى نزاع قضائي حول الوعاء العقاري المخصص لبناء هذه المحطة، مؤكدا أن الأرض تعود ملكيتها لعدد من الأشخاص، من بينهم ورثة أحد اليهود المغاربة، الذين تقدموا بشكايات ضد الجماعة أثبتوا فيها ملكيتهم للأرض المذكورة، لتقرر المحكمة توقيف الأشغال إلى حين البث في الموضوع، وتعويض أصحاب العقار في إطار نزع الملكية.

سوق الجملة للخضر والفواكه

مشاكل هذا المركز التجاري انطلقت منذ الإعلان عن نقله إلى خارج المدار الحضري سنة 2013، حين تقرر هدم مرافق السوق القديم، الذي لم تتعد مدة تشييده عشر سنوات بتكلفة مالية ناهزت 7 مليار سنتيم، إذ اعتبر عدد من المهنيين هذه الخطوة هدرا للمال العام ومعاناة إضافية للعاملين به وزبنائه على حد سواء.

وتعرف مراحل تشييد السوق الجديد، الذي تصل تكلفته 8 مليار سنتيم، إشكاليات متعددة وإجراءات مسطرية تقف في وجه السير السلس لإنجاز هذا المشروع، حيث عرفت وثيرة الأشغال تعثرات أخرت تاريخ التسليم الذي كان مقررا عند متم السنة ما قبل الماضية (2017)، وذلك بسبب عدم الالتزام بالتصاميم المعتمدة والوقوع في عيوب تتعلق بالطرق والممرات الداخلية للسوق، وكذا الفضاءات المخصصة للأنشطة التجارية (المربعات)، التي شيدت بطريقة تنعدم فيها الشروط الملائمة والتهوية اللازمة للحفاظ على جودة المنتجات الفلاحية المعروضة، وذلك نتيجة لانعدام المراقبة وعدم تتبع الأشغال من قبل اللجن الجماعية المختصة.

المجزرة الجماعية

بالرغم من الوضعية المزرية التي تعيش عليها المجزرة العمومية الحالية، التي تعاني من سوء التدبير وهشاشة بنيتها التحتية، لازال المشرفون على تدبير الشأن العام بالمدينة لم يجدوا السيولة الكافية لإتمام مشروع المجزرة الجديدة، إذ يبدوا أنهم باتوا عاجزين عن الخروج من أزماتهم المالية الخانقة والوفاء بوعودهم أمام السكان، رغم مرور حوالي ثلاث سنوات على التاريخ المحدد للانتقال إلى البناية الجديدة بمنطقة العوامة.

ونظرا للوثيرة البطيئة التي تسير بها أشغال المجزرة الجديدة للحوم الحمراء بالمدينة، التي تصل مساحتها الإجمالية إلى 4 هكتارات وتتوفر على موصفات ومعايير متعارف عليها دوليا من ناحية الجودة والسلامة الصحية، بدأ عدد من المهنيين بالمنطقة يهددون بنقل أنشطتهم إلى مجازر أخرى بمدن مجاورة، وهو ما سيؤدي حتما إلى ارتفاع في أثمنة اللحوم إلى مستويات قياسية يكون ضحيتها المواطن البسيط.

المحجز الجماعي

يعتبر المحجز البلدي الجديد، الذي تقرر إنجازه على مشارف منطقة العوامة شرق المدينة، من بين المشاريع المتوقفة منذ سنوات بسبب عدم توفر الموارد المالية الكافية لإتمام مرافقه، خاصة الطرقات والممرات الداخلية والإنارة العمومية والماء الشروب، وهي من الشروط والمعايير الواجب توفيرها في المرافق العمومية المماثلة، لتتمكن من تأدية المهام والأهداف المنوطة بها.

وإثر هذا التوقف غير المبرر، عبر مستشارو المعارضة عن استغرابهم لتكتم المكتب المسير عن الأسباب الحقيقية لتوقف أشغال هذا المرفق، الذي وصلت تكلفته 33 مليون درهم، علما أن نسبة الإنجاز به تقدر بـ 90 في المائة، وهو ما فتح الباب أمام تأويلات متضاربة أغلبيتها تؤكد وجود اختلالات عميقة وتعقيدات مسطرية عجز المكتب عن إيجاد حلول لها، ما جعل رئيسه يضرب حصارا عن الوضع الحقيقي ويرفض الالتزام بموعد محدد لفتحه.

وفي ظل عدم وفاء المجلس الجماعي للمدينة بوعوده والعمل على إتمام المشاريع التي التزم بتنفيذها في إطار برنامج “طنجة الكبرى”، يتأكد للجميع أن مجلس “البيجدي” لا يختلف عن صورة سابقيه، بل يمكن تصنيفه الأسوأ من نوعه مقارنة مع تجارب الألفية الماضية.

المقابر النموذجية

واستنكرت هيئات حقوقية وجمعيات المجتمع المدني بمدينة البوغاز، ما آلت إليه مقابر المسلمين في المقاطعات الأربع بدون استثناء، خاصة مقابر المجاهدين ومرشان والشرف وبئر الشفاء… وذلك في ظل عجز المجلس الجماعي عن إخراج مشروع المقبرة النموذجية لحيز التطبيق، بعد سنوات من الانتظار والترقب.

وسبق لأعضاء في المجلس الجماعي للمدينة أن وجهوا، خلال دورات سابقة، انتقادات شديدة اللهجة لعمدة المدينة، بسبب الوضع المأساوي الذي تعيشه المقابر سواء على مستوى الهيكلة أو غياب التنظيم والتأطير، نتيجة لانعدام المرافق الضرورية والسياجات وشبكة الماء والإنارة، فضلا عن الدفن العشوائي وسط المعابر والطرقات، بعد أن تجاوزت قدرتها الاستيعابية وأصبحت الجثث تدفن فوق بعضها وفي وضعيات غير لائقة، وهو الأمر الذي افقدها حرمتها وقدسيتها وساهم في تدهور حالتها.

وطالب أعضاء من المعارضة بتسريع الإجراءات الإدارية والقانونية الضرورية للشروع في انجاز مقبرة نموذجية بالمدينة، التي تقرر إحداثها بمنطقة الرهراه على مساحة تفوق 15 هكتارا، وخصص لها غلاف مالي يقدر بأزيد من 9 ملايين درهم.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*