دق حقوقيون وباحثون بالمنطقة الشمالية، ناقوس الخطر بشأن تزايد جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على القاصرين، التي ينفذها أفراد غير أسوياء بالطرق والحيل المتوفرة بشبكات التواصل الاجتماعي المعاصرة، من أجل استغلالهم جنسيا أو تصويرهم فوتوغرافيا أو بالفيديو لتهديدهم في حال عدم الاستجابة لمطالبهم ورغباتهم الجنسية الشاذة.
وشهدت الدائرة القضائية الاستئنافية لطنجة، في السنوات الأخيرة، ارتفاعا لافتا في عدد الجرائم المتعلقة بالاستغلال الجنسي للقاصرين، التي تتم من جانب أشخاص يستغلون تقنيات الإنترنيت لاستدراج القاصرين والاعتداء عليهم جنسيا بطرق شاذة وبدرجة مفرطة تجاوزت حدود مستوى اعتبارها مجرد حالات معزومة، حيث أصبحت تمثل مشكلة مركبة ومعقدة تهدد المجتمع المغربي في كيانه وأمنه وتماسكه الاجتماعي.
ومن بين الملفات المثيرة التي عرضت أخيرا على استئنافية طنجة، قضية كان بطلها مفترس جنسي بامتياز، الذي استطاع في فترة وجيزة أن يوقع بعدد من تلامذة المدينة عبر فخه الإلكتروني، المتمثل في دردشات على الفيسبوك والماسنجر والانستجرام والواتساب وتويتر وغيرها… واستدراج بعضهم إلى شقة أحد أصدقائه ليمارس عليهم الجنس بطرق شاذة، بعد أن يقوم بتنويمهم بواسطة مواد مخدرة.
ووقع الجاني، الذي يبلغ من العمر حوالي 52 سنة، في قبضة رجال الأمن، بعد أن ظل مبحوثا عنه على الصعيد الوطني لفائدة ولاية أمن طنجة، التي حررت مذكرة بحث ضده بناء على شكاية تقدم بها أب أحد الضحايا، الذي أكد فيها أن المعني، وهو حارس للسيارات، استدرج ابنه القاصر (12 سنة) لشقة واقع بعمارة سكنية قرب مديرية التعليم بالحي الإداري وسط المدينة، وحاول هتك عرضه بعد أن مده بمادة مخدرة استنشقها عبر أنفه تحت التهديد، وذلك قبل أن يتمكن من الإفلات من قبضته بمساعدة سكان الحي.
وبناء على البحث الذي أجرته عناصر الشرطة القضائية مع المشتبه فيه، تبين أنه من عديمي السوابق العدلية، حيث أسفرالتحقيق معه عن اعترافه بتنفيذه للعديد من العمليات المشابهة، ليتم إخضاعه لتدابير الحراسة النظرية، قبل تقديمه أمام الوكيل العام لدى استئنافية المدينة الذي أمر بمتابعته بتهم تتعلق بجناية “استدراج قاصرين بالتدليس وممارسة الجنس عليهم تحت تأثير المنبهات وتسهيل تعاطي الغير للمواد الممنوعة واستهلاك المخدرات”، وحكم عليه بعشر سنوات سجنا نافذا.
قضية أخرى مازالت رائجة أمام غرفة الجنيات الابتدائية بطنجة، وتتعلق بقضية شاب من مدينة العرائش، الذي التجأ إلى شبكات الاتصال الحديثة لإقامة علاقات مع قاصرات واستدراجهن إلى شقته ليرغمهن على ممارسة الجنس معه تحت الضغط والتهديد، قبل أن ينتقل بعد ذلك إلى تهديد ضحاياه بنشر صورهن الإباحية على شبكة التواصل الاجتماعي كلما رفضن دعوته لإشباع شذوذه الجنسي عدة مرات.
وافتضح أمر المدعو (ع.م)، وهو يبلغ من العمر 34 سنة، بعد أن تلقت المصالح الأمنية بالعرائش شكاية تقدم بها ولي أمر قاصر تبلغ من العمر 16 سنة، ذكر فيها أن ابنته تعرضت للاغتصاب من قبل شخص تعرفت عليها عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي، بعد أن استدرجها إلى شقته ومارس عليها الجنس دون إرادتها، مبرزا أنه لازال يهددها بنشر صورها على الإنترنيت كلما رفضت تلبية طلباته.
التحريات الأمنية والتقنية التي باشرتها المصالح الأمنية في الموضوع، مكنت من تحديد هوية المعني وإيقافه، إذ بعد تفتيش هاتفه الشخصي عثرت فيه على عدد كبير من الصور الحساسة لعدد من الفتيات، وكذا دردشات خاصة توثق لعملية الابتزاز، ليتم إحالته على الوكيل العام لدى استئنافية طنجة، الذي أمر بإيداعه السجن المحلي “سات فيلاج”، في انتظار عرضه على أمام غرفة الجنايات الابتدائية لمحاكمته طبقا للمنسوب إليه.
وبحسب بلاغ أصدره فرع الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بالعرائش، الذي نصب نفسه طرفا مدنيا لمؤازرة الضحيتين، فإنه من المحتمل أن تتقدم فتيات أخريات كن ضحية لهذا الشخص، الذي استدرجهن عبر شبكات الاتصال الحديثة (غرف الدردشة، رسائل الوسائط المتعددة والبريد الإلكتروني…)، وقام بممارسة الجنس عليهن دون إرادتهن تحت الضغط والتهديد.
المختار الرمشي (الصباح)