أثارت ظاهرة تفاقم عدد القاصرات والمراهقات اللواتي يمارسن الدعارة بطنجة، نقاشات محتدمة وجدلا واسعا بين فعاليات المجتمع المدني والمنظمات المهتمة بقضايا المرأة وحقوق الطفل بالمدينة، ومعهم عدد من الأخصائيين والخبراء، الذين دقوا ناقوس الخطر بعد أن تحولت هذه الظاهرة الخطيرة، التي تقبع في خانة المسكوت عنه، إلى موضوع يمضغه المجتمع مع كثير من التأويلات، وتنشر عنه وسائل الإعلام تحقيقات استقصائية تبرز فيها خطورة الاتجار بأجساد فتيات لازلن في عمر الزهور، اللائي يتم استقطابهن من طرف وسطاء وسماسرة متخصصين لممارسة البغاء بأبخس الأثمان أو وعد بالزواج أو التهجير إلى الخليج…
في عاصمة البوغاز لم تعد “تجارة القاصرات” تهم فقط الفتيات المعوزات اللواتي هاجرن من مدن فقيرة تحت ضغط ظروف مختلفة، إما هربا من فضيحة أخلاقية أو بحثا عن عمل يلبي احتياجات أسرهن المعوزة، بل انتقلت العدوى إلى قاصرات المؤسسات التعليمية والمعاهد الخاصة، اللائي أصبحن بدورهن يساهمن في تقديم المتعة الجنسية للباحثين عن الجسد الطري، خاصة المتعاطيات لدعارة “الخدمة السريعة”، التي تنجز نهارا بشقق مفروشة خلال ساعة أو ساعتين، ولا تكلف سوى دعوات للأكل وبطاقة لتعبئة الهاتف المحمول أو مبلغ لاقتناء السجائر وبعض الملابس ومساحيق التجميل…
فمباشرة بعد إعلان السلطات العمومية عن تخفيف إجراءات الإغلاق في وجه المقاهي والحانات وصالونات التجميل والتدليك… عادت من جديد ظاهرة دعارة القاصرات، اللواتي لم يصلن بعد سن الثامنة عشر، بعضهن لازلن يتابعن دراستهن في المدارس سواء العمومية أو الخاصة، وعادت معهم شبكات الدعارة إلى مزاولة نشاطاتها المعتادة عن طريق استقطاب القاصرات وتزينهن بالملابس المثيرة ووضع “المكياج” المناسب حتى يجلبن أكبر عدد من الراغبين في المتعة الجنسية، لدرجة أن الظاهرة صارت تمثل معادلة صعبة في الرواج والتنشيط السياحي بصفة عامة، حيث أصبح المتحكمون في تحريك خيوطها شبكات منظمة تعمل من أجل تقديم “منتوج طري” لزبناءها، عبر توظف شقق وإقامات فاخرة وجحافل من الموارد البشرية، ووسطاء ومستخدمين وسائقين وحراس شخصيين، الذين يصهرون على تقديم كل الخدمات المطلوبة وحماية الزبناء من أعين السلطات الأمنية المختصة.
تلميذات يساهمن في التنشيط السياحي بالمدينة
قاصرات المؤسسات التعليمية في طنجة أصبحن في الآونة الأخيرة “منتوجا” يحظى بطلب كبير في سوق الدعارة، إذ أصبحت بوابات جل الثانويات والمؤسسات الخصوصية مرتعا لكل من يملك سيارة فارهة، يستطيع بواسطتها أن يجلب قاصرا لتلبي رغباته، بينما أعطت العديد من الكباريهات والمطاعم الفاخرة ومقاهي الشيشا أهمية قصوى لهذه الشريحة، حيث حرصت على تخصيص أماكن لهن لعرض دلالهن بعيدا عن أعين الآباء والمربين، وفتح الفرصة أمام زبنائها للتبضع من هذه السلعة الطرية.
وبموازاة مع ذلك، سلكت شبكات متخصصة في الدعارة طرقا جديدة للتستر والاستفادة من هذه الفئة تحت غطاء قانوني، وذلك بخلق مناصب شغل بصالونات التدليك، والاعتماد على قاصرات بأجساد مغرية لتقديم خدمات التدليك وكل الإضافات التي يرغب فيها الزبناء، الذين يعطى لهم امتياز الاختيار بين أخذ الحصة داخل الصالون أو ببيوتهم، فقط عليهم أن يدفعوا تكاليف التنقل والفرق بين نوعية الاستفادة من الخدمات.
كما عرفت المدينة أنشطة أخرى واكبت الازدهار الذي عرفته عدد من الحانات والمطاعم والمقاهي الفاخرة، حيث ارتفع عدد الفتيات القاصرات اللواتي يشتغلن نادلات داخل هذه المحلات، إلا أنهن في الغالب يقدمن مطالب إضافية تتجاوز الخدمات المعتادة لإرضاء مسيري هذه المحلات وتلبية نزوات روادها.
ازدهار شقق “الجنس السريع”
أكد عدد من الحراس المكلفين بتسيير الشقق المفروشة، أنهم أصبحوا يفضلون تخصيصها لممارسة “الجنس السريع”، بعدما ارتفع الطلب عليها من قبل الشباب، وأضحت تستقطب يوميا تلميذات في مقتبل العمر لم يصلن بعد الثامنة عشر، بعضهن لم يفقدن بكاراتهن ويمارسن الجنس بطرق شاذة، إذ يتراوح سعر استئجار شقة لساعة أو ساعتين ما بين 100 و300 درهم، وتحدد بحسب مستوى وكرم الزبون، الذي قد يكون أجنبيا أو خليجيا ويدفع أكثر من أجل متعة يمارس فيها غروره وكبته.
وأوضح المصدر، أن أغلبية حراس هذه الإقامات، التي تحولت إلى أوكار مشبوهة دفعت بالعديد من العائلات إلى الابتعاد عنها، هم من يشرفون على جل العمليات، حيث يقومون، اعتمادا على الهاتف المحمول، بالحجز المسبق للشقة وجلب الطريدة لعرضها على الزبون، الذي تبقى له سلطة اختيار طريدته من بين المعروضات أمامه، اللواتي يقتسمن إتاوتهن مع الحارس حتى لا يسقطهن من اللائحة في المناسبات المقبلة.
المختار الرمشي (الصباح)