أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقرير لها حول أحداث مليلية إن السبب الرئيس وراء هجوم المهاجرين وطالبي اللجوء على السياج الحدودي هو التضييق والحصار الذي تعرضوا له على مدى الأسابيع التي سبقت الأحداث.
وأشارت الجمعية الحقوقية إلى أن المهاجرين تعرضوا للمنع من الحصول على الطعام، وتم الهجوم عليهم في مخيماتهم من طرف السلطات المغربية، وأمروا بإخلائها، ما خلف مواجهات عنيفة بين السلطات والمهاجرين بالغابات، استخدمت فيها الغازات المسيلة للدموع، وخلفت إصابات في الجانبين.
وأبرزت الجمعية أن هذه الظروف الصعبة والحصار والمطاردة، كانت وراء قرار المهاجرين بالدخول إلى مدينة مليلية المحتلة باستخدام الحجارة والعصي.
ونفى تقرير الجمعية الحقوقية ما كررته السلطات الإسبانية والمغربية، من كون المهاجرين ضحايا مافيات للاتجار بالبشر، وأنهم دخلوا عبر ضيعة بلالة مغنية على الحدود الشمالية بين المغرب والجزائر.
وسجلت الجمعية أن أغلب المهاجرين الذين شاركوا في المحاولة شباب في العشرينات من العمر قادمون من ليبيا ودخلوا إلى المغرب عبر الصحراء الجزائرية مشيا على الأقدام، وليس عبر الحدود مع وجدة.
كما أوضح التقرير أن الهجرة غير النظامية من الناظور نوعان، أولها القفز عبر السياج، وهو نوع لا يؤدى عنه، وهي هجرة الفقراء الذين يأتون من بلدانهم سيرا، ويكون قرار القفز فرديا يتخذه المهاجرون داخل الغابة، وهناك نوع ثان مؤدى عنه ويكون عبر البحر.
وبخصوص يوم الأحداث، في 24 يونيو الماضي، أشار التقرير إلى أن المهاجرين وصلوا من الغابة إلى المعبر الحدودي بعد ساعة من المشي، وخلال هذه المسافة لم يتعرضوا لأي تدخل من طرف السلطات المغربية، حتى تتمكن السلطات من الحصول على أفضلية في التموقع، وتظل في منطقة أعلى من المهاجرين تستطيع من خلالها إطلاق الغازات وضربهم بالحجارة.
وسقط أول المهاجرين وطالبي اللجوء بعد تدخل السلطات المغربية والإسبانية، فبعد استعمال الغازات بدأ المهاجرون بالمسارعة للقفز والهرب، وهنا وقع تدافع كبير بالممر الحدودي وتساقط المهاجرون من السياج، وحينها تدخلت السلطات المغربية لقمع المهاجرين بالعنف، يضيف التقرير.
واعتبرت الجمعية أنه قد جرى التنسيق بين البلدين لاستخدام الغازات المسيلة للدموع من الجانبين، حيث ظل المهاجرون في الوسط لا يستطيعون إكمال الطريق ولا العودة، ما أدى إلى محاصرتهم في ممر ضيق، ليسقطوا ويبدأ التعامل القاسي وغير الإنساني معهم بالضرب المبرح، مع بطء الإسعاف، ونقل الجثث قبل المصابين للتغطية على العدد الحقيقي للوفيات.
وسجلت الجمعية وجود حافلات لترحيل المهاجرين أكثر من عدد سيارات الإسعاف، حيث جرى ترحيل حوالي 500 مهاجر وطالب لجوء، ومن بينهم الجرحى، وقد لقي أحدهم حتفه في الحافلة.
وسجل حقوقيو الجمعية أن محاولات الهجرة الكبيرة التي عرفها السياج الحدودي لمليلية في شهر مارس الماضي خلال استمرار الأزمة بين الرباط ومدريد، لم تعرف تدخلا عنيفا، عكس المحاولة الأخيرة التي خلفت إصابات ووفيات، بعد عودة العلاقات بين الجانبين، وهو ما يؤكد استغلال المهاجرين في مسائل سياسية ومالية.
وأكدت الجمعية الحقوقية أن السلطات كانت تخطط للدفن السري لبعض الموتى، مسجلة أن الجثث كانت مرمية في الأرض بمصلحة الموتى، ومليئة بالجروح ومكدسة، وأن عدد الوفيات لا يقل عن 27 وفاة.
ومن أهم الخروقات الحقوقية التي سجلتها الجمعية خلال أحداث مليلية، خرق قوانين طلب اللجوء، فعدد كبير من المشاركين قدموا طلبات اللجوء، لكن السلطات المغربية تمزق أوراقهم ويتم اعتقالهم وطردهم نحو الحدود.
كما سجلت وجود انتهاك للحق في الحياة بوفاة 27 مهاجرا، ووجود 64 من المفقودين، إضافة إلى انتهاك الحق في السكن فالسلطات في الناظور لا تسمح للمهاجرين بكراء منازل.
كما توقف التقرير على انتهاك السلامة البدنية عبر التعنيف، والتعامل اللاإنساني وإهانة الجرحى، والترحيل السريع للمهاجرين من طرف السلطات الإسبانية بعد دخولهم إلى مليلية، رغم رؤيتها ما كانوا يتعرضون له من عنف بالجانب المغربي، ما يعني أن إسبانيا عرضت حوالي 100 مهاجر دخلوا المدينة المحتلة إلى الخطر بإرجاعهم.
واعتبر التقرير أن السلطات لم تقل كل شيء حول الوفيات، إذ لم تتحدث عن سبب سقوطهم وتدافعهم، والذي كان بسبب العنف الذي تعرضوا له وهم فوق السياج، وكذا استخدام الغازات المسيلة التي منعتهم من الرؤية وسقطوا.