هوامش طنجة.. جيوب للخارجين عن القانون

هوامش طنجة.. جيوب للخارجين عن القانون

27 أكتوبر, 2022

لا يختلف اثنان على أن معدلات الجريمة المنظمة ذات الأبعاد الخطيرة، انخفضت نسبيا في الآونة الأخيرة بعاصمة البوغاز طنجة، مقارنة بالعقد السابق، الذي عاشت خلاله المدينة وضعا استثنائيا ولد لدى ساكنتها إحساسا بفقدان الأمن، نتيجة ارتفاع وثيرة العمليات الإجرامية المرعبة، كجرائم القتل التي يأخذ بعضها طابع الإثارة و”الهتشكوكية”، وكذا السطو المسلح على المؤسسات المالية والمساكن والمحلات التجارية، بالإضافة الحروب الدامية بين تجار المخدرات لفرض القوة والسيطرة على أسواق الحشيش والمخدرات والأقراص المهلوسة بالمنطقة.

ولا نغالي إذا قلنا أن عاصمة البوغاز قد ودعت هذه الفترة العصيبة، التي عاشت خلالها المدينة والمناطق المجاورة لها على إيقاع جرائم مافيوزية شبيهة بمدن نيويورك أو نابولي أو أمستردام أو موسكو… إلا أن هذا لا يعني أبدا أنها تخلصت نهائيا من الخارجين عن القانون وسلوكياتهم الإجرامية المهددة لأمن وسلامة المواطنين، إذ لازالت المدينة تئن تحت وطأة “البلطجة” وأحداث ذات أبعاد مختلفة، كالاعتداء على المواطنين واعتراض سبيل النساء والفتيات في الطرقات العامة تحت طائلة التهديد والضرب والجرح والنشل والسرقة… وهي جرائم يتم الكشف عنها، بين الفينة والأخرى، عبر شرائط وصور وتعليقات ينشرها رواد الفضاء الأزرق “الفايسبوك”.

 مواطنون متدمرون

عبر عدد من المواطنين عن استيائهم إزاء الوضع الأمني المقلق الذي تعيشه المدينة، خاصة بالمنطقة الثانية لبني مكادة، بما فيها أحياء بئر الشيفا والسانية والشوك وبن صالح وموح باكو… التي تعرف ارتفاع ملحوظا في معدلات القتل والسرقة والاعتداء على المواطنين بالشارع العام، لاسيما الضحايا من الفتيات والنساء اللواتي يعملن في المناطق الصناعية ويتعرضن للسطو على ممتلكاتهن من هواتف نقالة وحلي وألبسة ومبالغ مالية…

وربط عدد من الحقوقيين والمهتمين بالجانب الأمني بالمدينة، هذا التدهور بالمناطق الهامشية والسكن غير اللائق، مؤكدين أن جل الجرائم المرتكبة بوسط المدينة، كالسرقة واعتراض السبيل وترويج المخدرات وغيرها… يقوم بها سكان هذه العشوائيات، التي تحولت في المدة الأخيرة إلى جيوب للعنف والتطرف والإرهاب، وأصبحت تعد نقطة جذب لكثير من الممارسين لأنشطة اقتصادية غير مشروعة، بما فيها الاتجار في المخدرات بمختلف أصنافها، وكذا ترويج الخمور ودعارة وبيع الأجساد وعمالة الأطفال…

عوامل اقتصادية وسلوك إجرامي

كشف باحثون وأساتذة المختصون في القانون الجنائي، في لقاء عقد أخيرا بطنجة، أن أزيد من 70% من المتورطين في الأعمال الإجرامية داخل المدينة، يتحدرون من الأحياء الهامشية التابعة للمنطقة الثانية لبني مكادة، خاصة أحياء العوامة وبئر الشيفا والسانية والشوك وبن صالح وموح باكو وسيدي إدريس… بيمنا لا تتعدى نسبة المتورطين الخارجين عن المدار الحضري 10%.

 وأوضحوا أن تصاعد الجريمة بالهوامش ومناطق السكن غير اللائق يرجع بالأساس إلى عوامل اجتماعية واقتصادية والبيئية، التي غالبا ما تخلق أشخاصا يشكلون خطورة حقيقية على الأمن الاجتماعي للمحيط الذي يعيشون بداخله، مشددين على ضرورة توفير مناخ أمني يندرج ضمن مخطط استراتيجي يهدف إلى تأهيل كل المناطق السوداء، التي هي أحوج إلى استتباب الأمن وضمان الاستقرار، وذلك بالتعامل “الجدي” مع حاجيات المواطنين الأساسية، من سكن وتعليم وصحة، بالإضافة إلى الاعتناء بالشكايات التي تقدم إلى المصالح الأمنية، من أجل اتخاذ كل الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية اللازمة لاجتناب وقوع الجريمة.

تصريحات وبيانات أمنية

من جهة أخرى، اعتبر مسؤول بولاية أمن طنجة أن كل ما يتم تداوله حول الوضع الأمني بالمدينة لا يتم للحقيقة بصلة، وذكر أن الأحداث والجرائم التي ترتكب لا تشكل ظاهرة إجرامية في تصنيفات الشرطة، لكونها محدودة وتظل في إطار المتابعة ويضبط في الغالب مرتكبوها، مؤكدا أن المصالح الأمنية بكل تصنيفاتها تتعامل بالجدية اللازمة بتعاون وتنسيق مع جميع الجهات الأمنية الأخرى من أجل القضاء على المناطق السوداء واستتباب الأمن بها، وذلك من خلال حملات منظمة ومركزة تتم بناء على إحصائيات ومخططات أمنية تشمل كافة مناطق المدينة، مبرزا

وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن استتباب الأمن وحماية المواطنين، لا يقتصر على جهاز أمني معين، بل هي مسؤولية الجميع، بداية بالمواطن نفسه والجماعات المحلية وكل مكونات المجتمع المدني باختلاف اهتماماته وتخصصاته، مبرزة أنه أصبح من الهام جدا توفير مناخ أمني يحس كل مواطن داخله بالأمان والاستقرار، وذلك بتأهيل كل المناطق السوداء، التي هي في أمس الحاجة إلى أبسط الحقوق وشروط العيش الكريم، من سكن وتعليم وصحة…

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*