“التنمر”.. آفة مدمرة تهدد مناطق الشمال

“التنمر”.. آفة مدمرة تهدد مناطق الشمال

23 مايو, 2023

تزايدت في السنوات الأخيرة ظاهرة التنمر وخطاب الكراهية بشكل خطير بمدن وقرى الجهة الشمالية، التي كانت معروفة منذ القدم بقيم اجتماعية مبنية على حسن الخلق واحترام الآخر وحفظ الأعراض وصون اللسان… وأضحت تشكل آفة مدمرة تهدد المجتمع والأطفال القاصرين بصفة عامة، وانتهت بعضها بجرائم بشعة هزت الرأي العام المحلي والوطني.

وشهدت مدينة طنجة، عدة جرائم قتل أقدم عليها شباب ومراهقين بعدما استقوى عليهم أصدقائهم في الدراسة أو في الحي، وعرضوهم للمضايقة والسخرية بطريقة متعمدة، إما في لباسهم أو حالتهم الاجتماعية أو مستواهم التعليمي، وذلك بهدف إظهار البطولة أمام زملائهم على سبيل السيطرة وتجسيدا لظاهرة التنمر أو “الحكرة”.

ومن بين الأحداث المثيرة التي شهدتها عاصمة البوغاز أخيرا، محاولة قتل تعرض لها تلميذ يبلغ من العمر 15 سنة، بعد أن وجه له أحد زملائه طعنة قوية بواسطة سكين حاد داخل ساحة إعدادية مولاي عبد الرحمن، الواقعة بحي بن دينان بمقاطعة بني مكادة.

وفي تفاصيل هذه الواقعة الخطيرة، فإن التلميذ المعتدي (ا.ح)، الذي كان يزاول دراسته بالمستوى الثالث باعدادية أسية الوديع المجاورة، قرر تصفية الضحية بعد أن ضاق ذرعا من تصرفاته المستمرة، وتعريضه للتنمر في كل جلسة أمام أصدقائه، ليقوم بتسلل إلى ساحة الإعدادية لتصفية حساباته مع غريمه، فدخل معه في نقاش حاد قبل أن يستل سلاح أبيض كان بحوزته، ووجه به طعنة قوية أصابت الضحية في صدره جهة القلب، ثم لاذ بالفرار تاركا إياه على الأرض مضجعا في دمائه يصارع الموت.

إثره ربطت إدارة المؤسسة الاتصال بالسلطات الأمنية بالمنطقة، التي حضرت رفقة سيارة إسعاف عمل طاقمها على نقل المصاب إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي محمد الخامس وهو مغم عليه نتيجة تعرضه لنزيف حاد وتلف في جزء من الأنسجة الدموية السطحية، ما ألزم وضعه بقسم الإنعاش وإخضاعه للعناية الطبية المركزة  إلى حين أن استقرت حالته، فيما تم إيقاف المعتدي الذي اعترف للمحققين أن التنمر عليه من طرف الضحية دفعه للإقدام على هذه الخطوة.

قضية أخرى تسجد ظاهرة التنمر، عرضت أخيرا على غرفة الجنايات الأولى باستئنافية طنجة، وتتعلق بجريمة قتل تورط فيها عامل بملبنة تقع بحي الخربة وسط المدينة، الذي أقدم على فعلته بعد أن ظل الهالك قيد حياته يتهجم عليه داخل محله ويهينه أمام زبنائه ويفرض الجزية عليه تحت طائلة التهديد.

وأثناء مناقشة ملف القضية، اعترف المتهم (أحمد.و)، البالغ من العمر 30 سنة، بتسديده طعنة للضحية بواسطة سلاح أبيض دون أن تكون له نية قتله، مبرزا أن الهالك (عبد الغني.س)، كان يتعمد قيد حياته إهانته كلما ولج الملبنة التي يشتغل بها، ولم يكتف، صباح يوم الحادث، بالتنمرعليه بل امتنع عن أداء واجب الفطور الذي تناوله، وعمد إلى تكسير الأواني وواجهة الملبنة أمام أعين الزبناء، ما أثار غضبه وقام بطعنه بواسطة سلاح أبيض دون أن تكون لهم نية قتله، إلا أنه فارق الحياة متأثرا بجروحه.

ورغم تشبث هيأة الدفاع بأن الجريمة ارتكبت في إطار الدفاع عن النفس، ومطالبتها بتمتيع المتهم بأوسع ظروف التخفيف لكون ملفه خال من أي السوابق العدلية، قررت هيأة الحكم مؤاخذة المتهم بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وحكمت عليه، بعشرين سنة سجنا نافذا وتعويض لفائدة المطالب بالحق المدني.

ولم تقتصر ظاهرة التنمر على فئة معينة من المجتمع، بل همت في الآونة الأخيرة بشكل مقلق صفوف القاصرين، حيث قام عدد من الأطفال الصغار بتعريض سيدة ترتدي النقاب للرجم بالحجارة والضرب والسب والمناداة عليها بأسفه النعوث، الأمر الذي دفع بها إلى تقديم شكاية لدى المصالح الأمنية بالمدينة، التي بادرت بإيقافهم وتقديمهم أمام النيابة العامة المختصة، إلا قيام الجيران بدور الوساطة وتقديم الاعتذار من قبل آباء الأطفال المتورطين واعترافهم بخطأ أبنائهم الصبياني، تنازلت السيدة التي تعرضت لتعنيف جسدي ونفسي عن شكايتها وطوي الملف.

يذكر، أن أكاديمية التعليم بجهة طنجة تطوان الحسيمة، نظمت، خيرا، ورشات لتكوين مختصين في التعامل مع وضعيات التحرش السيبراني والتنمر في الوسط المدرسي، واستهدف المشروع 61 مؤسسة للتعليم الثانوي الإعدادي بالمديرية الإقليمية لطنجة أصيلة، في أفق تعميمه على 250 مؤسسة بتراب  أكاديمية الشمال.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*