المستشفى الجامعي بطنجة.. قطب طبي متميز

المستشفى الجامعي بطنجة.. قطب طبي متميز

14 يونيو, 2023

شكل افتتاح المركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بطنجة، الذي أشرف على تدشينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الجمعة 28 أبريل الماضي، دفعة قوية لتنزيل السياسة الصحية على صعيد جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وأضحى، في وقت وجيز، ركيزة أساسية تقدم للمواطنين خدمات علاجية متكاملة وآﻣﻨﺔ وفق أرقى المعايير الدولية في مجال الصحة، وتعزز قيم المواطنة الكريمة لتحقيق تنمية بشرية مستدامة ومندمجة بجميع تراب الجهة.

واستبشر سكان عاصمة البوغاز، ومعهم باقي المواطنين بالأقاليم الشمالية، خيرا بافتتاح قطب طبي من الجيل الجديد بمنطقتهم، الذي يعكس العناية الموصولة التي يحيط بها جلالة الملك سكان الجهة الشمالية من المملكة، إذ ينتظر أن يساهم بشكل كبير في تيسير الولوج للخدمات الصحية الأساسية وتقريبها من المواطنين، لاسيما أنه ينضاف إلى مختلف المشاريع التنموية التي أطلقها جلالة الملك بالجهة الشمالية من المملكة بهدف تعزيز إشعاعها وجاذبيتها الدوليين.

وشيد المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، الذي تفضل جلالة الملك وأطلق عليه اسمه الكريم، على تراب جماعة اكزناية (12 كيلومتر غرب طنجة)، وأنجز على قطعة أرضية تبلغ مساحتها 23 هكتارا، بمحاذاة المركز الجهوي للانكولوجيا، وعلى مقربة من كلية الطب والصيدلة والمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة.

وتتميز هذه البنية الاستشفائية، التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 797 سريرا، بطابعها العصري من خلال هندستها، وجودة العلاجات التي تقدمها بالاعتماد على تكنولوجيات متطورة، بالإضافة إلى احترامها لمبادئ الحفاظ على البيئة والاستدامة من خلال منظومة الألواح الكهربائية الشمسية ومحطة معالجة المياه العادمة للمختبرات ومحطة معالجة النفايات الطبية الصلبة.

ويرتقب أن ترتقي هذه المنشأة الطبية، التي رصدت لها استثمارات تفوق قيمتها 2.4 مليار درهم ممولة من ميزانية الدولة والصندوق القطري للتنمية، بجودة ومستوى الخدمات الاستشفائية المقدمة للمواطنين بالجهة الشمالية، لاسيما أنها مدعومة بمجموعة من المراكز الاستشفائية الجهوية ومستشفيات أخرى قيد الإنجاز، ويتعلق الأمر بمستشفى متعدد التخصصات بتطوان ومستشفى إقليمي بالحسيمة وآخر بوزان.

قطب طبي متميز

أكد البروفيسور محمد عكوري، مدير المستشفى الجامعي محمد السادس بطنجة، أن المنشأة الطبية المحدثة أخيرا بعاصمة البوغاز تعتبر “قيمة مضافة” بالنسبة لسكان الجهة الشمالية، لكونها ستوفر لهم عرضا صحيا ذي جودة عالية تتماشى مع المعايير الدولية والتطور العلمي والتكنولوجي المسجل في مجال العلاجات والوقاية والحكامة الصحية، وسيجنب المواطنين عناء التنقل والسفر للمدن الأخرى بحثا عن العلاج والاستشفاء.

وأوضح البروفيسور عكوري، في تصريح صحفي، أن هذه المؤسسة العمومية، التي جاءت منسجمة مع أهداف برنامج “طنجة الكبرى”، تشكل مركزا طبيا من الجيل الجديد يتألف من أقطاب ومنصات طبية-تقنية مزودة بآخر التكنولوجيات المتطورة في الرعاية الطبية والصحية، إذ ينتظر أن تقدم للمواطنين علاجات وخدمات من المستوى الثالث، بالإضافة إلى أنها ستقوم بمهام تكوين الأطباء والطاقم التمريضي، فضلا عن مساهمته في البحث العلمي والابتكار والتطوير.

وأبرز المسؤول الصحي أن المركز يعتبر ثورة في قطاع الصحة سواء من حيث إصلاح المنظومة بطريقة جذرية أو على مستوى الحماية الاجتماعية، وسيمكن من هيكلة عرض العلاجات على صعيد جهة طنجة تطوان الحسيمة، وجلب كفاءات طبية ذات خبرة عليمة متميزة، وتوفير تكوين متطور لفائدة الأجيال الجديدة من المهنيين.

وشدد على أن تصميم وتجهيز هذه المنشأة الطبية الحديثة يراعي كافة معايير التنمية المستدامة، إذ سيعمل المركز على معالجة النفايات الطبية وغير الطبية لعدم الإضرار بالمحيط، مشيرا إلى أن هذه المعايير تدمج المستشفى في محيطه بالقرب من الغابات والبحر، لاسيما وأنها عوامل تساعد نفسيا على التشافي.

تخصصات ومصالح طبية متنوعة

يتكون المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس من مستشفى للتخصصات الطبية، يضم 586 سريرا ويتكون من قطب طبي وجراحي ومصالح مختلفة من بينها مصلحة طب القلب بمختلف تخصصاته، ومصلحة الجهاز التنفسي ومصلحة لطب الغدد الصماء، بالإضافة إلى مصلحة الأنف والأذن والحنجرة، ومصلحة طب الأعصاب، وطب وغسيل الكلي، وطب العيون، والطب النووي، إلى جانب قطب طب المستعجلات والإنعاش، ومصلحة الجراحة التقويمية وعلاج الحروق الكبرى…

ويشتمل المركز أيضا على مستشفى للأم والطفل (211 سرير)، الذي يضم طب المستعجلات والإنعاش وقطب الجراحة الاستعجالية وقطب ومصلحة طب الأطفال، ووحدة المساعدة الطبية على الإنجاب.

كما يحتوي المركز الاستشفائي الجامعي على مصلحة للمساعدة الطبية الاستعجالية، ومصلحة للتصوير الطبي، ومختبرات لعلم الأحياء الدقيقة، والجراثيم، والكيمياء الحيوية، وعلم الدم، والتشريح المرضي والخلوي، والوراثة البشرية والوراثة الخلوية، والطباعة ثلاثية الأبعاد ومعدات طبية.

ويتوفر المركز أيضا على جناح مركزي للعمليات الجراحية (31 قاعة) مجهز بمعدات وتجهيزات من الجيل الجديد وبنظام تسييري معلوماتي بالكامل، بالإضافة إلى صيدلية استشفائية مركزية يعتمد تدبيرها على نظام معلوماتي مندمج، ما يمكن من توزيع الأدوية والمستلزمات الطبية على المرضى بمختلف المصالح الاستشفائية عبر روبوت التخزين والتوزيع، بالإضافة إلى فضاءات للتنشيط العلمي البيداغوجي والتكوين، وقاعة كبيرة للمؤتمرات، ومهبط لطائرات الهيليكوبتر، ومرافق تقنية وإدارية.

مركز رقمي من الجيل الجديد

قالت سلمى السقاط، رئيسة مصلحة تكنولوجيا المعلوميات بالمركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بطنجة، إنه “تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة، الذي أمر بتسريع عملية تنزيل ورش التحول الرقمي في المغرب، أصبح المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة مستشفى رقمي من الجيل الجديد، وانخرط منذ افتتاحه في سياسة الرقمنة في ميادين مختلفة”.

وأبرزت السقاط، في تصريح أدلت به للصحافة بمناسبة تدشين الملك محمد السادس للمركز الاستشفائي بطنجة، أبريل الماضي، أنه تم الاعتماد على عدة حلول رقمية في تدبير وتسيير المصالح الطبية بالمستشفى، منها نظام معلوماتي يمكن من تنظيم عملية الولوج إلى مختلف الخدمات الصحية التي يمكن أن يستفيد منها المريض، وآخر متعدد الوحدات يمكن من فتح ملف رقمي طبي للمريض وتزويده ببطاقة فردية تتضمن رقما تعريفيا دائما، ويخول له بكل سرعة ومرونة الاستفادة من جميع الخدمات الصحية، ويسهل مهام الفرق الطبية.

وأوضحت أن النظام المعلوماتي متواصل مع مختلف المعدات والأجهزة البيو-طبية المتواجدة في المركز من أجل ضمان المراقبة الممركزة على المريض والتواصل المستمر، مبرزة أنه إذا ما تقرر إحالة المريض على الاستشفاء، يتم تزويده بسوار أوتوماتيكي يتضمن نفس الرقم التعريفي من أجل ضمان اليقظة الهوياتية داخل المستشفى وتعزيز مبدأ العلاج المناسب للمريض المناسب.

شهادات مواطنين: ارتياح وإشادة

سادت حالة من الارتياح بين مواطني مدينة طنجة والمناطق المجاورة، بعد افتتاح المركز الاستشفائي الجامعي بعاصمة البوغاز، الذي ينتظر أن يساهم في تخفيف العبء المادي والصحي عن المرضى بهذه الجهة، وسيعفي المواطنات والمواطنين من عناء التنقل إلى مستشفيات أخرى خارج المدينة طلبا للعلاج والاستشفاء، فضلا عن تخفيف الضغط على باقي مستشفيات الجهة.

وقال العباسي مصطفى، وهو موظف متقاعد بطنجة، إنني “كغيري من سكان الجهة الشمالية، أحمد الله وأشكره على تحقيق أمنيتنا بافتتاح مستشفى جامعي بطنجة، خاصة أنه أقيم على أعلى مستوى وتتوفر فيه اختصاصات نادرة سوف تغنى المواطنين من مشاق التنقل إلى مستشفيات الرباط والدار البيضاء بحثا العلاج. 

وأوضح العباسي، أن سكان طنجة، ومعهم كل المواطنين بالجهة، تابعوا باهتمام كبير جميع مراحل  تشييد هذا المبنى الصحي لحظة بلحظة، إلى حين أن تفضل جلالة الملك بافتتاحه رسميا، لينسجم  مع الدور الذي تضطلع به المراكز الاستشفائية الأخرى في إطار المجموعات الترابية الصحية المحدثة بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

مواطن آخر عبر عن سعادته وأكد أن هذه اللحظة فارقة في حياة كل السكان القاطنين بالجهة، الذين كانوا ينتظروها بشدة أن يتحسن الوضع الصحي بمدنهم، بعد أن عانوا لسنوات نتيجة الوضع الكارثي للمؤسسات الاستشفائية المتواجدة، التي كانت تمثل محنة مشتركة يتقاسمها المرضى عندما يطالبون بحقهم في التطبيب والعلاج، وطاقم طبي وشبه طبي غير كاف لا يستطيع تلبية هذه المطالب المشروعة. 

من جهتها، ذكرت (نادية.ب)، أستاذة بالتعليم الإعدادي بطنجة، أن المستشفى الجامعي محمد السادس بطنجة كان مطلبا شعبيا لسكان جهة الشمال، نظرا للضغط الكبير الذي كانت تواجهه جل المراكز الصحية بالمدينة، خاصة على مستوى الأطباء المتخصصين، نتيجة توافد أعداد كبيرة من مرضى الأقاليم المجاورة، المعروفة بشساعتها وأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية الخانقة، مبرزة أنهم كانوا يعانون مع مشكل المواعيد البعيدة التي تعطى لهم، وتصل في بعض الحالات إلى ستة أشهر لإجراء عملية جراحية مستعجلة.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*