شهد المغرب خلال الأشهر الأخيرة، ظاهرة غير مسبوقة، إذ اختارت عدد متزايد من النساء، بما في ذلك القاصرات، الهجرة سباحة نحو مدينة سبتة المحتلة، في مشهد يعكس تحولا اجتماعيا كبيرا على صعيد الطموحات الفردية، ودور المرأة في مواجهة المخاطر.
ووفق صحيفة “الفارو دي سيوتا”، فإن أكثر من عشرين فتاة عبرن البحر خلال الأسابيع الأخيرة، حيث لم تعد هذه الظاهرة مقتصرة على القاصرات فقط، بل شملت نساء بالغات، أكدن من خلالها قدرتهن على مواجهة المخاطر البحرية التي كانت تعتبر حكرا على الرجال.
وأشار المصدر إلى أن دوافع هذه الرحلات، تتجاوز الرغبة في الوصول إلى أوروبا، لتشمل الرغبة في إثبات الاستقلالية الشخصية، وكسر القيود الاجتماعية التقليدية المفروضة على المرأة في بعض المناطق.
ويعتبر انعدام فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في المغرب، من أهم المحركات التي تدفع النساء للمخاطرة بحياتهن في مثل هذه الرحلات الخطيرة.
من جهة أخرى، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا بارزا في تفاقم هذه الظاهرة، إذ تقوم بعض الفتيات بتوثيق رحلاتهن عبر تطبيقات مثل “تيك توك” و”إنستغرام”، ما يحوّل هذه التجارب إلى مصدر إلهام للفتيات الأخريات.
ومن أبرز هذه الحالات، شيماء، ابنة مدينة مرتيل، التي أعلنت عن وصولها إلى سبتة المحتلة، سباحة، الصيف الماضي، وانتشرت صورها على نطاق واسع، لتصبح “مثالا” يحتذى به في أوساط الفتيات اللواتي يطمحن لعبور البحر.
ورغم نجاح بعض الحالات في الوصول، إلا أن هذه الظاهرة تحمل خلفها جانبا مأساويا، حيث تشير تقديرات رسمية إلى أن العديد من محاولات العبور تنتهي بالموت غرقا أو الاختفاء في البحر، وهو ما يعكس المخاطر الجسيمة لهذه المغامرات، ويجعلها تحديا كبيرا للسلطات المغربية والإسبانية على حد سواء.
ووفق الصحيفة، شهدت صورة المهاجرين الشباب، تغيرا جذريا، حيث أن غالبية هؤلاء لم يعودوا مقتصرين على الأطفال المتروكين أو من دور الأيتام، بل أصبحوا شبابا مندمجين في المجتمع، لديهم طموحاتهم الخاصة، لكنهم يبحثون عن مستقبل أفضل خارج البلاد.
ويعكس الارتفاع الملحوظ في أعداد النساء المشاركات في هذه الرحلات، مزيجا من الطموح الشخصي ورغبة في إثبات الذات، وكسر القوالب النمطية، ليصبح البحر ساحة ليس فقط للهروب من الواقع، بل للتحدي والتفوق على الصعاب.
وفي ظل هذه التطورات، تبرز أهمية تكثيف الحملات التوعوية حول مخاطر الهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على السواحل، والعمل على توفير فرص اقتصادية أفضل للشباب والنساء في المناطق المهددة بهذه الظاهرة.