دق المجتمع المدني بإقليم شفشاون ناقوس الخطر محذّرين من تفاقم هذا الوضع في غياب آليات لمعالجة الظاهرة، وذلك أمام الارتفاع “غير مسبوق والمرعب” في عدد الأشخاص الذين اختاروا وضع حد لحياتهم في المنطقة،
وفي غياب معطيات وأرقام رسمية دقيقة حول ظاهرة الانتحار في المنطقة، حذّرت جمعية “نعم للحياة.. شباب ضد الانتحار”، من تواتر حالات الانتحار بإقليم شفشاون، مشدّدة على أن الأمر تحول إلى “ظاهرة مقلقة جداً”، في ظل اتساع رقعة وأعداد المنتحرين بالمدينة الزرقاء.
وأكدت الجمعية في بلاغ لها، أن الجميع أصبح يتقبل الظاهرة بصمت ودون أن يتم اتخاذ أي مبادرة من طرف السلطات والمسؤولين، معتبرة أن “الأسباب متعددة ولا يمكن رصدها بدقة، إذ من خلال التمعن في أصناف المنتحرين نجدهم من مختلف الأعمار، ومن الجنسين معا، النساء والرجال، بل وحتى الأطفال”.
وطالبت الجمعية المسؤولين على القطاع الصحي بإقليم شفشاون، إعطاء الاهتمام للعلاج النفسي وتوفير الأدوية والقيام بحملات للعلاج تستهدف المرضى النفسيين والعصبيين، وذلك على غرار الحملات الطبية الأخرى.
وفي السياق ذاته، دعت الجمعية المسؤولين إقليميا وجهويا ووطنيا إلى دعم كل المبادرات التي تستهدف محاربة هذه الظاهرة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تسريع وتيرة إنجاز المشاريع التنموية.
وكانت دراسة للمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية بالرباط، قد توصّلت إلى أن “الظاهرة في تفاقم مستمر وتتجدد أسبابها ودوافعها باستمرار، وتتأثر تحديدا بالظروف الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والتي ازدادت حدتها خلال الحجر الصحي”.
وكشفت الدراسة الميدانية أنه “من أصل 22 حالة انتحار سجلت وطنيا في الفترة ما بين 20 مارس و20 أبريل 2020، تضم جهة الشمال أكثر من 54 بالمئة من مجموع الحالات، 70 بالمئة منها سجلت بإقليم شفشاون”.
وأوضح المصدر ذاته، “منذ بداية عام 2021 وإلى حدود نهاية مارس الماضي، تم تسجيل 13 حالة انتحار بإقليم شفشاون”.
وأبرزت في خلاصات الدراسة، “أن 64 بالمئة من المنتحرين أطفال يتابعون دراستهم، سنهم ما بين 8 أعوام و18 عاما”، فيما “نسبة الذكور المقبلين على الانتحار أكثر من النساء، إذ انتحر 8 ذكور مقابل 5 إناث”.
وتعزى أسباب الانتحار في إقليم شفشاون، بحسب الدراسات الميدانية إلى “عوامل اقتصادية مرتبطة بالفقر والهشاشة الاجتماعية وانتشار البطالة”، إلى جانب “عوامل اجتماعية ترتبط بالأعراف الاجتماعية والقبلية هي السائدة والمتحكمة في النسق الاجتماعي القروي”.
ومن أجل تعزيز هذه المعطيات البحثية، دعا المجلس الإقليمي في رسالة إلى الحكومة لإجراء دراسة رسمية حول تنامي ظاهرة الانتحار بشفشاون.
وبهذا الخصوص، أبرز رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون، عبد الرحيم بوعزة، أن “الرسالة جاءت في إطار دق ناقوس الخطر والتفاعل مع الساكنة وفعاليات المجتمع المدني، لإثارة الانتباه بأن هناك مشكلا خطيرا يهدد السلم الاجتماعي والأمن العام”.
وقال رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون في تصريح صحفي إنه: “كان لابد أن نثير انتباه المؤسسات الدستورية وعلى رأسها رئاسة الحكومة، لإجراء دراسة علمية لمصارحة الجميع بأن هذه الظاهرة سلبية، لكن مع معرفة أسبابها ما سيمكننا من إيجاد حلول لمعالجتها”.
ويرى أن “موضوع الانتحار يؤرق كل المسؤولين والفعاليات المدنية بإقليم شفشاون، لذلك قمنا بمجموعة من المبادرات لمحاولة فهم الظاهرة بداية في إحدى دورات المجلس عندما استدعينا خبراء والمسؤول عن الصحة في الإقليم”.
وتابع: “هؤلاء حاولوا أن يقدموا لنا تصورا عاما عن هذه الظاهرة، غير أنه يبقى تصورا تفاؤليا لم يكشف عن تشخيص حقيقي وإجابة حقيقة عن هذه الظاهرة السلبية في إقليم شفشاون شمال المغرب”.