في خضم أزمة المياه التي يعيشها المغرب نتيجة توالي سنوات الجفاف وتراجع منسوب التساقطات المطرية، كشفت وزارة الداخلية عن معطيات جديدة بشأن آفاق معالجة وإعادة استعمال المياه العادمة، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية لمواجهة ندرة الموارد المائية.
وفي جواب كتابي موجه إلى مجلس النواب، أفاد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بأن المياه المعالجة القابلة لإعادة الاستعمال ستبلغ 573 مليون متر مكعب سنوياً بحلول سنة 2040، بينما يتوقع أن يتم إعادة استعمال 340 مليون متر مكعب سنوياً في أفق 2050، وفق ما ورد في مشروع المخطط الوطني للماء.
الوزير أوضح أن الفرق بين الرقمين يعزى إلى اعتبارات تقنية وقانونية وتنظيمية، فضلاً عن التكلفة المرتفعة لإعادة استعمال المياه العادمة المصفاة في بعض الحالات، مقارنة بتكاليف تعبئة الموارد المائية التقليدية كالمياه السطحية أو الجوفية.
كما أشار لفتيت إلى أن مشروع المخطط الوطني للماء أخذ بعين الاعتبار نسبة إعادة استعمال المياه العادمة المباشرة المطبقة عالميًا، ما يفسر انخفاض الهدف المحدد في أفق 2050 مقارنة بما جاء في البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج وإعادة استعمال المياه المعالجة.
وبحسب المعطيات المقدمة، فإن المياه المعالجة سيتم توجيهها إلى استعمالات متعددة تشمل سقي المساحات الخضراء، وملاعب الكولف، والأراضي الزراعية، بالإضافة إلى الاستعمال الصناعي وتغذية الفرشات المائية.
كما أشار لفتيت إلى أن القانون رقم 15.36 المتعلق بالماء يعتبر المياه العادمة جزءاً من الملك العمومي المائي، ما يسمح بتخصيصها لاستعمالات محددة بعد المعالجة، ضمن المخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للأحواض المائية والبرامج الوطنية ذات الصلة.
وأكد وزير الداخلية أن تدبير الموارد المائية في المغرب يواجه عدة تحديات، من أبرزها محدودية الموارد، والتأثيرات السلبية لتغير المناخ، واستنزاف المياه الجوفية، وتزايد الطلب بفعل النمو الديمغرافي والتطور الاقتصادي، إلى جانب تفاقم مصادر التلوث.
وأوضح أن المغرب يعتمد بشكل متزايد على المياه غير الاعتيادية مثل المياه العادمة المعالجة، من أجل ضمان استدامة التزود بالماء في القطاعات الحيوية، لاسيما الزراعة والصناعة.
من المرتقب أن يتم تقديم مشروع المخطط الوطني للماء للمصادقة خلال نهاية سنة 2025، ويُنتظر أن يشكل خارطة طريق استراتيجية لتدبير وتنمية العرض المائي بالمملكة، في ظل وضع بيئي ومناخي يزداد تعقيداً.
ويعكس هذا التوجه إرادة الحكومة في الاستثمار في الحلول البديلة، عبر معالجة المياه العادمة واستعمالها بطريقة آمنة ومستدامة، بما يسهم في التخفيف من حدة الضغط على الموارد الطبيعية وضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.