عبرت الجمعية الإسبانية لحقوق الإنسان بمدينة مليلية المحتلة، عن استياءها من الوضع الحالي للمهاجرين، مشيرة إلى فشل “السياسات الإسبانية في تدبير الهجرة على حدودها الجنوبية، على مدار الثلاثين سنة الأخيرة”، مؤكدة على أن “تشديد للإجراءات الحدودية لا يوقف هذه الظاهرة، بل يزيدها خطورة وفتكا”.
ورسم التقرير السنوي للجمعية الإسبانية لحقوق الإنسان لعام 2025، صورة قاسية للهجرة إلى الجارة الشمالية للمملكة، حيث خاطر أزيد من 64 ألف شخص بحياتهم في قوارب متهالكة لعبور البحر عام العام الماضي، هربا من حدود برية تزداد عسكرة.
من بين هؤلاء، يضيف التقرير، لم ينجح ما يقرب من 2500 شخص في الوصول إلى الأراضي الإسبانية، حيث رست جثثهم في قاع البحر الأبيض المتوسط أو المحيط الأطلسي، متحولة إلى تماثيل، تشهد على هذه مأساة التي تتكرر عاما بعد عام.
وشددت الجمعية الحقوقية، على أن العنف الذي مارسته السلطات الأمنية الإسبانية، على جانبي السياج الحدودي الذي يفصل المدينة المحتلة عن المغرب، في حق المهاجرين “أدى إلى وفاة عدد كبير منهم خلال السنوات الماضية”، مضيفة أن “مأساة 24 يونيو 2022 على حدود مليلية، حيث لقي العشرات حتفهم أو اختفوا أثناء محاولتهم اجتياز السياج، شكلت نقطة تحول دفعت الآلاف من المهاجرين إلى البحث عن بدائل أكثر خطورة، لتفادي مواجهة السلطات الإسبانية.
إن عمليات “الصد العنيف” وتجاوز الحدود، وما وصفه التقرير بـ”العنف المؤسسي”، جعلت الوصول إلى البر على الجانب الإسباني، مهمة شبه مستحيلة بالنسبة المهاجرين، ليحول مسار الهجرة إلى البحر في “قوارب هشة”، مما زاد بشكل كبير من خطر الموت، وسط مطالب بوضع سياسة، تستجيب للحاجيات الديموغرافية والتحديات الاقتصادية والسياسية، وقائمة على أساس التعاون الإنمائي المشترك و التنمية واحترام حقوق الإنسان.
مأساة هؤلاء المهاجرين، وفق التقرير ذاته، “لا تنتهي بوصولهم إلى الأراضي الإسبانية”، موضحة أنه “بالنسبة لمن نجوا من رحلة الموت، يتنظرهم جحيم آخر، في مزارع هويلفا وألميريا، حيث بنيت “ثروات حقيقية” بفضل الاستغلال الممنهج للعمال المهاجرين.
هذا الوضع ليس جديدا ولا عرضيا، بل إنه وبحسب الجمعية الإسبانية لحقوق الإنسان “جزء من نظام يتطلب، على نحو متناقض، وجود هجرة غير نظامية ليعمل”، موضحة أن “عدم وجود وثائق يُحول هؤلاء العمال إلى عمالة أسرى، دون قدرة على التفاوض أو الشكوى”.
وأمام استفحال هذه الظاهرة، أشار المصدر، إلى أن السؤال الذي يبقى مطروحا هو “ما إذا كانت إسبانيا وأوروبا مستعدتين أخيرا للاستماع إلى ثلاثة عقود من التحذيرات، أم أنهما يفضلان الاستمرار في تجاهل هذه التحذيرات في حين يصبح البحر الأبيض المتوسط مقبرة لسياسات الهجرة الفاشلة”.