اغتصاب الأطفال.. جرائم تكتسح محاكم  الشمال

اغتصاب الأطفال.. جرائم تكتسح محاكم الشمال

وتيرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال ارتفعت بنسبة تفوق 50 في المائة

10 أبريل, 2018

تعد محكمة الاستئناف بطنجة، من أكثر المحاكم على مستوى المملكة، التي تعج بقضايا جنائية تتعلق باغتصاب وهتك عرض الأطفال الصغار، إذ تفيد جل الإحصائيات والتقارير المنجزة من قبل بعض الجمعيات والمراكز المهتمة بالأطفال ضحايا العنف بالمدينة، أن وتيرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال ارتفعت خلال العشر سنوات الأخيرة بنسبة تفوق 50 في المائة.

وتتوزع هذه القضايا بين نوعين رئيسيين، الأول يتعلق بالاعتداءات التي تتم بالمحيط الذي يعيش فيه الطفل أو داخل الأسرة نفسها، ويمثل 65%، إذ يكون المعتدي من أقرب الأقرباء إما أبا أو جدا أو أخا، وهو النوع الذي يطلق عليه “زنا المحارم”، فيما يتعلق النوع الثاني، الذي يمثل 35 في المائة، باعتداءات تقع خارج الأسرة، وتمارس بالكتاتيب القرآنية ودور الحضانة والمدارس وفي كثير من مراكز الإيواء والخيريات والجمعيات والسجون والمخيمات الصيفية، وتكون هذه الممارسات صادرة عن المربين أو المسؤولين والقائمين على هذه المرافق.

كما أكدت كل التقارير المنجزة بهذا الشأن، أن حالات الاعتداءات الجنسية لا تقتصر على جنس أو فئة عمرية بعينها، بل تهم الإناث والذكور معا، وتتوزع بين جميع الأعمار بنسب متفاوتة، إذ تصل من صفر إلى 10 سنوات إلى نسبة 30%، ومن  10إلى 15 سنة 48%، ومن 16 إلى 18 سنة 12%، بينما باقي الأعمار تصل نسبتها إلى 10%.

ومن بين القضايا المثيرة، التي عرضت على غرفة الجنايات بطنجة وقضت فيها بـ 20 سنة حبسا نافذا، قضية رب أسرة بمدينة القصر الكبير، الذي تحول من مصدر للحنان والعطف إلى وحش بشري داخل منزله، وقام باغتصاب ابنيه القاصرين (إسماعيل 4 سنوات) و(صابرين 7 سنة)، ومارس شذوذه الجنسي عليهما مرات عديدة، مستغلا غياب زوجته عن البيت وانشغالها في العمل بأحد مصانع الأحذية بالمدينة.

وانكشفت هذه القضية، بعد أن أثار انتباه الأم تغيرا كبيرا في سلوك ابنها الصغير، الذي أصبح عنيفا في ردود فعله ولم يعد يتحكم في عملية التغوط، حيث قامت بعرضه على طبيب أكد لها أن طفلها تعرض لاغتصاب نتج عنه تمزقات في فتحة شرجه، يصل طول إحداها إلى أربع سنتمترات، لتبوح بعد ذلك البنت لأمها بكل الممارسات التي كانت تتعرض لها من قبل أبيها، الذي كان يلاعب جسدها قبل أن يمارس عليها الجنس بطرق غير سليمة، نتج عنه فض بكارتها بشكل كامل، وتسبب لها في آثار سلبية على مستوى جهازها التناسلي، بالإضافة إلى إصابتها بأزمة نفسية خطيرة.

ملف آخر  استأثر بمتابعة واسعة، ويتعلق بقضية اغتصاب فتاة قاصر من طرف إمام داخل مسجد بأصيلة، الذي ضبطته فرقة الأخلاق العامة التابعة للشرطة القضائية بالمدينة وهو يمارس الرذيلة، وقامت بإحالته على النيابة العامة بتهم تتعلق بـ “التغرير بقاصر وهتك عرضها بدون عنف داخل مكان معد لإقامة الشعائر الدينية مع حيازة المخدرات”.

 واعتقل الإمام، تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بناء على إخبارية توصلت بها المصالح الأمنية من قبل أحد السكان، إذ عملت على الترصد له إلى أن ضبطته متلبسا داخل غرفة تابعة للمسجد ذاته، رفقة قاصر وهما في وضعية مشبوهة وغير أخلاقية، ليتم وضع إمام المسجد بالسجن المحلي “سات فيلاج” بطنجة، فيما أمر قاضي التحقيق،بإحالة القاصرة على المركز الاجتماعي للطفولة بطنجة.

وبحسب المحاضر المنجزة في الموضوع، فإن الأمام، وهو أعزب يتحدر من مدينة العرائش، اعترف بالمنسوب إليه، وأقر بأن علاقته مع المتهمة ابتدأت منذ حوالي سنتين، وأنه كان يتواصل معها عبر الهاتف ويلتقي معها في فترات متقطعة من أجل إشباع نزواته الجنسية بمقابل مادي، مؤكدا في نفس الوقت أن لا علاقة له بالمخدرات التي ضبطت مع القاصر، المعروفة بسلوكها وأخلاقها المشبوهة داخل المدينة.

قضية أخرى لا تقل إثارة عن سابقتها، وتتعلق بجريمة اغتصاب تلميذ من قبل أحد حراس الأمن المدرسي داخل مؤسسة تعليمية تقع بمنطقة بني مكادة في طنجة، وهي الجريمة التي خلفت موجة استياء وتنديد عارمة لدى كل الآباء والأمهات وعلماء الدين ونشطاء حقوقيين وجمعيات مناهضة للاستغلال الجنسي للأطفال، الذين صبوا جم غضبهم على كل الجهات المسؤولة، بما فيها وزارة التعليم وشركات الحراسة المتعاقدة معها، وكذا المصالح الأمنية بالمدينة… 

واعتقلت مصالح الشرطة القضائية بالمدينة الحارس المتهم، وهو متزوج يبلغ من العمر 34 سنة، بعد أن تقدمت أم الضحية بشكاية تؤكد فيها أن ابنها، البالغ من العمر 6 سنوات، تعرض للاغتصاب من قبل حارس المدرسة، الذي استغل فراغ المؤسسة واقتاد الطفل إلى مرافق الصرف الصحي المعزولة، ليقوم بهتك عرضه بطريقة شاذة تحت طائل العنف والتهديد بالقتل، وأصابه بتمزقات خطيرة بفتحة شرجه، تسببت له في أزمة نفسية انقطع على إثرها عن الدراسة، حيث أحيل الضنين على أنظار العدالة بالمدينة، التي أدانته بخمس سنوات حبسا نافذا.

ولا تزال تداعيات تبرئة مسير حضانة للأطفال من تهمة الاغتصاب وهتك عرض قاصر يبلغ من العمر ثلاث سنوات، تخلف المزيد من ردود الفعل المنددة بما قضت به محكمة الجنايات الاستئنافية بالمدينة، إذ اعتبر هيئات جمعيات حقوقية وأخرى مهتمة بالطفولة الحكم “مجانب للصواب”، وتشجيعا على الاعتداء على براءة الطفولة واغتصابها، ومبرزين أنه سيجعل المواطنين يفقدون ثقتهم في جهاز العدالة، مؤكدين في نفس الوقت عزمهم خوض العديد من أشكال الاحتجاج للتصدي لظاهرة اغتصاب القاصرين وعدم التساهل معها، لما لها من انعكاسات سلبية خطيرة على حياتهم الأطفال وأسرهم.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*