هستيريا جماعية تستحوذ على الراغبين في الهجرة إلى أوربا

هستيريا جماعية تستحوذ على الراغبين في الهجرة إلى أوربا

(تقرير)

14 أكتوبر, 2018

شهدت المدن الشمالية والمناطق الساحلية المجاورة لها، خلال الفترة الأخيرة، تطورات دراماتيكية مثيرة في ملف الهجرة غير الشرعية، وتحولت إلى قبلة تستقطب يوميا أعدادا كبيرة من الشباب والنساء المغاربة، الذين قرروا المغامرة وركوب قوارب الموت للعبور نحو السواحل الاسبانية، أملا في تحسين ظروفهم الاجتماعية والخروج من شبح البطالة.

فمنذ أن تداول نشطاء بشبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق لهجرة غير شرعية لعدد من الشباب المغاربة، الذين تمكنوا، في ظروف غامضة، من عبور مضيق جبل طارق عبر زوارق مطاطية مزودة بمحركات قوية “فانطوم”، أو بواسطة قوارب خشبية ودراجات نارية بحرية، حلت بالمدن الشمالية الساحلية، خاصة طنجة وتطوان، أفواج كبيرة من المرشحين للهجرة، من بينهم قاصرين ونساء حوامل، واحتشدوا بالشواطئ المجاورة لها في انتظار أن تتاح لهم فرصة ركوب الزوارق السريعة المجانية والوصول إلى الضفة الجنوبية من المتوسط طمعا في غذ أفضل.

وخلفت هذه الظاهرة الجديدة، استنفارا لدى السلطات الأمنية المركزية والمحلية، التي حركت مصالحها وجندت كل إمكانياتها للحد من هذا التدفق غير المسبوق، والكشف عن خيوط شبكات تهجير البشر، التي أصبحت تنشط بشكل كبير على مستوى مضيق جبل طارق وتسببت في حوادث مؤسفة وسقوط ضحايا، كانت آخرها وفاة شابة تتحدر من تطوان وإصابة أربعة آخرين برصاص البحرية الملكية، التي اضطرت لإطلاق النار على زورق مطاطي سريع بعد أن تجاهل سائقه للتحذيرات الموجهة إليه ورفض الامتثال للأوامر بالتوقف.

وذكر مصدر أمني مسؤول بولاية تطوان، أن الشواطئ الشمالية للمملكة، خاصة المجاورة لمدن مارتيل والمضيق والفنيدق ووادي لو، وكذا الممتدة على الشريط الساحلي بين طنجة والميناء المتوسطي، شهدت خلال الأسابيع الأخير نزوح جماعي لمئات من الشباب والأطفال والفتيات، الحالمين بالهجرة إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث ظل بعضهم في العراء ليل نهار ينتظر وصول إحدى الزوارق النفاثة المعروفة محليا باسم “الفانطوم”، لحمله “مجانا” نحو الضفة الأخرى.

 وأوضح المصدر، أن هذا النزوح الجماعي ابتدأ مباشرة بعد أن بث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو عبر خاصية “البث المباشر”، أظهر الأول زورقا مطاطيا نفاثا بشاطئ “سيدي قنقوش” (شرق طنجة) وعلى متنه أشخاص يرتدون لباسا شبيها بزي خفر السواحل الاسباني، حملوا معهم عدد من الشباب وانطلقوا في اتجاه الشواطئ الأندلسية، ليبثوا بعده شريطا آخر يظهر نفس المجموعة وهم يقفزون من الزورق قبالة ساحل مدينة طريفة في الجنوب الاسباني، قبل أن تظهر أشرطة أخرى ادعى أصحابها أنها صورت بشواطئ بليونش والدالية والفنيدق، وهو ما دفع بحماسة الشباب إلى تصديق هذه الأشرطة دون معرفة أصحابها والتأكد من صحتها وتاريخها.

وبحسب ما كشفت عنه الصحافة الاسبانية، فإن تحقيقات عالية المستوى تمت بين السلطات الأمنية بكل من المغرب وإسبانيا، أبنت أن الأشرطة الأخيرة تعود لعصابة تحترف تهريب المخدرات بمضيق جبل طارق، حمل عناصرها شحنة من مخدر “الشيرا” من شاطئ الدالية قرب جماعة القصر الصغير قبل أن يقوموا بنقل مجموعة من الشبان المغاربة من شاطئ سيدي قنقوش نحو طريفة بأقصى جنوب إقليم الأندلس، وذلك بهدف التغطية على أنشطتهم حقيقية، مبرزة (المصادر) أن السلطات الاسبانية تمكنت من الوصول إلى هوية أبطال هذه المغامرة والقبض عليهم.

وكانت السلطات الأمنية بطنجة، نصب حواجز أمنية على الطرق الساحلية المؤدية إلى الشواطئ المحيطة بالمدينة، من أجل منع المرشحين للهجرة من ولوجها، وشنت حملات واسعة أوقفت خلالها عددا من الشباب المشتبه في تواجدهم بالمدينة من أجل الهجرة بطريقة سرية إلى الضفة الأخرى، حيث أخلت سبيل عدد منهم بعد أن قامت بتنقيطهم على الناظم الآلي للكشف عن هويتهم وسوابقهم العدلية، لتحتفظ ببعضهم إلى حين انتهاء التحقيق معهم والتشاور مع النيابة العامة بشأنهم، فيما عززت الفرق البحرية التابعة للدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية تواجدها على السواحل الشمالية، لإيقاف هذه “الهيستيريا الجماعية” والهيجان الذي لم يسبق رؤيته بالمنطقة من قبل.

المختار الرمشي (الصباح)  

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*