شبكات منظمة لممتهني حرفة التسول تهدد أمن طنجة

شبكات منظمة لممتهني حرفة التسول تهدد أمن طنجة

(روبورتاج)

17 فبراير, 2019

لم تعد ظاهرة التسول في طنجة تتسم بطابعها التقليدي وصورتها النمطية المعتادة، التي كانت تقتصر فقط على عدد قليل من المعوزين والمرضى وكبار السن ممن انقطعت بهم السبل ويحتاجون حقا للعون من أجل لقمة العيش، بل عرفت في السنوات الأخيرة أشكال جديدة وأنماط مريبة أضحت تسيء لصورة المدينة كوجهة سياحية مميزة.

فعروس الشمال، التي كانت في فترة من الفترات تستقطب مشاهير العالم في الفن والأدب والسياسة والثقافة، أضحت اليوم تحطم الأرقام القياسية في استقطاب المتسولين من مدن مختلفة ودول افريقية وأسيوية وأوربية، ينتمون لجميع الفئات العمرية بما فيهم النساء والأطفال الصغار والشباب وشيوخ، الذين تمتلئ بهم، منذ طلوع الفجر إلى ما بعد منتصف الليل، أهم الشوارع الرئيسة بوسط المدينة والأسواق الشعبية والمساجد والمستشفيات والساحات والفضاءات العمومية وعند مفترقات الطرق وبالإشارات الضوئية…

ظاهرة التسول في مدينة البحرين، تعرف الآن تصاعدا مخيفا وأخذت أبعاد جد مقلقة بعد أن أصبحت عادة لدى الكثير من ممتهني هذه “الحرفة”، خصوصا بعد حطت بها وفود من المدمنين على التسول القادمين من مدن ومناطق مغربية مختلفة، وكذا شريحة من المرشحين للهجرة السرية، مغاربة وأفارقة وسوريين، الذين التجأوا للتسول بعد أن سدت في وجوههم سبل العبور إلى الضفة الأخرى، واضطروا إلى الاستقرار وتكوين تجمعات سكنية بعدد من الأحياء الهامشية وخلف أسوار الأراضي العارية والمزابل… وهي سلوكات ومظاهر أصبحت تمثل مشكلا حقيقيا بالنسبة للسلطات الأمنية، التي عجزت عن التحكم فيه والسيطرة عليه.

وعبر عدد من المهتمين بالشأن العام المحلي، في مناسبات متعددة عن انزعاجهم واستيائهم لتفاقم هذه الظاهرة، بعد أن غصت المدينة بمئات من المتسولين، من بينهم أفارقة وأسيويين وإسبان، الذين التحقوا بطوابير المتسولين المغاربة واقتحموا وسط المدينة لممارسة التسول الاحترافي عن طريق الاعتياد، وذلك باستخدام الأطفال والنساء وأصحاب العاهات لإثارة عاطفة السائقين والمارة، حيث تؤكد كل الأرقام والإحصائيات الرسمية أن عدد هذا النوع يسجل أرقاما مخيفة تدعو إلى القلق والتأمل.

كما عبر فاعلون في القطاع السياحي عن استيائهم من التناسل الخطير لشبكات التسول الاحترافي بالمناطق الشمالية، نظرا لما يسببوه هؤلاء المتسولون من إزعاج مستمر لزوار الفضاءات السياحية بالمدينة، التي يتخذون منها مقرات لـ “العمل” واستجداء عطف السياح سواء المغاربة أو الأجانب، خاصة بشارع محمد الخامس (البولفار) وبالقرب من قنصلية فرنسا وسور المعكازين، وكذا بالكورنيش ومنطقة مالاباطا الشاطئية وعند أغلب الإشارات الضوئية بوسط المدينة، مؤكدين أن  هذه شبكات منظمة وراءها عقول مدبرة  تعتمد تقنيات مدروسة لاصطياد الضحايا بطرق احترافية.

من جهة أخرى، تحدث عدد من المواطنين بالمدينة عن سلوكات غير أخلاقية أصبحت شائعة في أوساط المتسولين كالدعارة والسرقة والمتاجرة في الممنوعات واحتلال سطوح المنازل المهجورة ومداخل البنايات بالأحياء القديمة، التي جعلوا منها أماكن للنوم والعيش اليومي، حيث أصبحت هذه الظاهرة أمرا مألوفة داخل الأوساط “الطنجاوية”.

وذكر أحدهم أن شريحة واسعة من المتسولين، مافتئوا يطرقون أبواب المنازل والمكاتب ويلجؤون للمؤسسات العمومية من أجل الاستجداء، منهم من يستعمل علب الأدوية حجة لتسوله ومنهم من يدعي إصابته بمرض مزمن كالسرطان، فيما يمارس آخرون التسول تحت تأثير المخدرات، ويستعملون العنف والترهيب في طريقة استجدائهم للمواطنين في عدد من الأماكن وسط المدينة، خاصة النساء أثناء توقفهم أمام الإشارات الضوئية المنظمة للمرور وبمحطة المسافرين والأسواق الممتازة…

وطالب جل المواطنين بضرورة تدخل السلطات المحلية لمعالجة هذه الظاهرة، التي أصبحت تمثل واحدة من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تكلف أضرارا مادية ونفسية بالغة، خاصة أن عدد من هؤلاء المتسولين منحرفين ومن ذوي السوابق العدلية، ويلجأون إلى التسول لمآرب أخرى.

وكانت السلطات الأمنية بالمدينة، شنت أخيرا حملة واسعة على شبكات التسول الاحترافي بالمدينة، الذين غاصت بهم الشوارع والأحياء في الفترة الأخيرة، واعتقلت عشرات منهم بعد أن ضبطوا يمارسون التسول بالعنف ويقومون بالاعتداء على المواطنين في حالة عدم الاستجابة لطلباتهم، ومن بينهم مهاجرون أجانب من جنسيات افريقية مختلفة، حيث تم وضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية للتأكد من هويتهم والتحقيق معهم قبل عرضهم على أنظار العدالة.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*