مستشفيات طنجة.. الطريق إلى الموت

مستشفيات طنجة.. الطريق إلى الموت

قاعات الإنعاش والتخدير ممتلئة عن آخرها ومرضى ينتظرون دورهم بالممرات

21 يوليو, 2020

سجلت مدينة طنجة، في الآونة الأخيرة، ارتفاعا مخيفا في عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، وصل إلى حدود أمس (الاثنين) 2974 حالة مؤكدة، من بين مهنيين صحيين بالمستشفيات العمومية ورجال الأمن من مختلف الدرجات، فيما عرفت المدينة تزايدا مهولا في عدد الوفيات وصل إلى أزيد من 60 حالة وفاة، أي بنسبة تفوق 90% من مجموع حالات الإماتة بالجهة، ما طرح علامات الاستفهام كثيرة حول السر وراء هذا الوضع الوبائي المخيف، الذي تحاول عاصمة البوغاز التعايش معه والحد من خطورته.

وتواصل المراكز الاستشفائية العمومية بطنجة، المخصصة لحالات “كوفيد 19”، استقبال عشرات المرضى بشكل يومي، وتقديم العلاجات والرعاية الصحية اللازمة لهم لإنقاذ حياتهم، رغم الضغوطات الناتج عن ارتفاع عدد الحالات المكتشفة، التي يصل بعضها إلى أقسام التكفل وهي في حالة صحية حرجة تتطلب الرعاية المركزة بغرف الإنعاش، ما يخلق توترا وضغطا رهيبا لدى الطواقم الطبية والأطر التمريضية بالمستشفيات المعنية، التي تحاول التأقلم مع إكراهات الخصاص المهول في الموارد البشرية والنقص الكبير في بنيات الاستقبال والمعدات الطبية وعدد الأسرة…

أطر صحية تدق ناقوس الخطر

دقت أخيرا أطر طبية وتمريضية بعاصمة البوغاز، ناقوس الخطر حول الوضعية الوبائية المقلقة بالمدينة، ونبهت إلى مغبة تدهور العناية والرعاية الطبية بالمستشفيات العمومية المخصصة لمرضى “كوفيد 19″، مع استمرار خطر تفشي الوباء بالمنطقة وارتفاع عدد الوفيات إلى مستويات مخيفة، معبرين عن استيائهم وتدمرهم لما آلت إليه أوضاع المنظومة الصحية بالمدينة والإقليم، خاصة الجانب المتعلق بالعنصر البشري والتجهيزات الطبية، التي أصبحت غير كافية لمواجهة الزحف المخيف للجائحة.

وكشفت مصادر طبية بالمدينة، عن حقائق مثيرة تتعلق بالطاقة استعابية للمستشفيات العمومية بالمدينة، وركزت على مستشفى محمد السادس، الذي خصص، منذ بداية انتشار الجائحة في مارس المنصرم، لاستقبال الحالات الحرجة لتوفره على معدات الإنعاش والتنفس الاصطناعي، وذكرت أن هذا المستشفى أصبح لا يتوفر على أفرشة شاغرة لاستقبال المرضى والتكفل بالحالات التي تحتاج للعناية المركزة، مبرزة أن الطاقة الإستعابية لقاعات الإنعاش والتخدير وغرفة الانتظار (ديشوكاج) لا تتعدى في مجملها 20 سريرا، وهي ممتلئة عن آخرها، ما يحتم على عدد من المرضى انتظار دورهم بممرات المستشفى ذاته، فيما يظل مرضى آخرون حالتهم الصحية حرجة يقبعون بالمركز الاستئفائي “الدوق دو طوفار” ومستشفى القرطبي بمرشان.

نقابات تستنكر

أعربت نقابات وجمعيات ممثلة لمهنيي الصحة في القطاع العمومي، عن تدمرها واستيائها لما آلت إليه المنظومة الصحية، التي تدهورت إلى أسوأ مستوياتها بالمدينة والإقليم، نتيجة الخصاص الفادح في الموارد البشرية وعدم توفر الأجهزة الطبية الضرورية والأدوية بالعدد الكافي لتفادي انتشار الوباء وسط الشغيلة الصحية بالمدينة، بالإضافة إلى مشاكل تأطير وتطبيق البروتوكولات التي تبنتها وزارة الصحة في علاج مرضى “كوفيد 19”.

واستنكرت النقابات، في بيانات أصدرتها أخيرا، سياسة الصمت المطبق من قبل المديرية الجهوية للصحة، التي ساهمت بعدم الوفاء بالتزاماتها وعدم اتخاذها إجراءات فعلية مستعجلة لوقف نزيف الموت الذي صار يخطف كل يوم ضحايا جدد من داخل مستشفيات المدينة، مطالبين إياها بالخروج من صمتها وإعطائهم تفسيرات عن الوضع الوبائي بالمدينة، والعمل على إجراء أبحاث لتجنب أسبابه وتكراره بمدن ومناطق الجهة، وحتى لا تتضخم المشاكل العالقة التي تسبب في الاحتقان وسط الأطباء والعاملين بمختلف المؤسسات الاستشفائية بالمدينة.

أخصائيون يوضحون

أكد مسؤول بالمندوبية الجهوية للصحة بطنجة، أن نسبة الوفيات المسجلة بطنجة لا تدعو للقلق وتصنف في خانة “عادي جدا”، مقارنة مع نسبة الحالات التي شفيت وبالنظر إلى عدد المصابين الذين يلجون إلى مستشفيات المدينة وهم في مراحل متقدمة من إصابتهم بفيروس كورونا، مبرزين أن أغلبهم مسنون ويعانون من أمراض مزمنة، من قبيل أمراض القلب والشرايين أو الضغط والسكر.

من جهة أخرى، ذكر الطيب حمضي، وهو طبيب وباحث في قضايا السياسات والمنظومة الصحية، أن تزايد الحالات المكتشفة بطنجة، وارتفاع عدد الوفيات في الأيام الأخيرة لها أسباب متعددة لخصها في خلل المنظومة الصحية، التي لا تصل إلى الحالات الجديدة إلا بشكل متأخر، والبطء في عرض الحالات الحرجة على أقسام الإنعاش بسبب التأخر في التشخيص، بالإضافة إلى عدم احترام المواطنين للإجراءات الاحترازية والوقائية، مع إمكانية تحول الفيروس إلى نسخة مختلفة عن باقي الجهات.

وقال الحمضي في تدوينة له، إننا ” أمام ضرورة مستعجلة لتشخيص الأسباب الحقيقة التي أدت لهذه النتائج من أجل تجاوزها إيجابيا، والعمل على دراسة أداء المنظومة الصحية ككل (حاجياتها، نواقصها، آدائها ومتطلباتها...) وكذا طرق تدبير عملية التكفل بالمرضى، خصوصا بأقسام الإنعاش، حتى لا يتم إرهاق المواطنين والمؤسسات والمقاولات والسلطات بمحاولات متكررة ومستمرة لتصحيح اختلالات غير مشخصة”.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*