طنجة.. عاصمة المغرب للأسلحة والرصاص

طنجة.. عاصمة المغرب للأسلحة والرصاص

قصص أحداث وجرائم شبيهة بأفلام “الأكشن” تكشف عن خلل كبير بالمنظومة الأمنية

9 نوفمبر, 2021

إذا كانت مدينة طنجة تعتبر بوابة استراتيجية للمغرب على العالم، فهي كذلك بوابة للخطر والشر، باعتبارها معبرا مفتوحا في وجه المافيا الدولية، التي تستخدمه لتسريب كل أنواع الممنوعات، بما فيها الأسلحة النارية والدخيرة الحية، لتنفيذ عملياتها المافيوزية المتعلقة إما بمجال التهريب الدولي للمخدرات، أو في عمليات السطو على مؤسسات مالية، أو من أجل تصفية حسابات شخصية…

وشهدت عاصمة البوغاز، طيلة السنوات الماضية، أحداثا وجرائم استخدم فيها الرصاص الحي لأهداف مختلفة، إذ لم تعد عمليات المواجهات والسرقة باستعمال الأسلحة البيضاء هي الطاغية بالمدينة، بل أصبحت تنفذ باستخدام الأسلحة النارية، من مسدسات بمختلف أشكالها وبنادق الصيد وغيرها… حيث أضحى إشهار السلاح الناري والتهديد به أمرا معتادا بالمدينة، خاصة بين شبكات الاتجار في المخدرات القوية.

ولعل من أهم الأحدث التي عاشتها المدينة في السنوات الأخيرة، عمليتي السطو المسلح على سيارتين لنقل الأموال بطنجة، التي نفذها أشخاص ملثمين، بعد أن ترصدوا، في المرة الأولى، لسيارة مصفحة كانت متوجهة إلى وكالة بنكية تقع بشارع مولاي رشيد وسط المدينة، وتعقبوها من الخلف إلى أن وصلت إلى باب الوكالة المذكورة، وقاموا بمهاجمة الحارسين وإطلاق النار على أحدهما ليتمكنوا من السيطرة على كيسين يحملان مبالغ مالية كبيرة تقدر بمئات الملايين من السنتيمات، قبل أن يلذوا بالفرار إلى وجهة مجهولة دون أن يتم تحديد هويتهم، إلا أنهم (الجناة) فشلوا في المرة الثانية من تنفيذ عملية مماثلة، طالت وكالة بنكية أخرى تقع بحي “فال فلوري”، ولم يتمكنوا من الاستيلاء على أية منقولات أو ممتلكات، بعد أن استطاع سائق سيارة نقل الأموال أن يفلت بأعجوبة من الكمين المسلح، ونجح في الهروب إلى منطقة آمنة بالرغم من الإطلاق الكثيف للرصاص على الزجاج الأمامي للسيارة.

وبعد تنفيذ العملية الثانية، كثفت المصالح الأمنية بولاية طنجة، بتنسيق مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من أبحاثها الميدانية لتتوصل إلى تحديد هوية المدبر الرئيسي ومساعديه في هذه العملية المافيوزية، ويتعلق الأمر بعصابة إجرامية تتكون من مواطنين بلجيكيين من أصول مغربية، يتزعمهم شاب يبلغ من العمر 39 سنة، له مجموعة من السوابق القضائية في مجال السرقات المسلحة والاتجار في المخدرات بكل من المغرب وبلجيكا وإسبانيا، وظل موضوع مذكرة بحث من قبل الشرطة البلجيكية إلى حين اعتقاله بطنجة.

كما عرفت المدينة أيضا، خلال السنة الجارية (2021) عدة أحداث شبيهة بأفلام “الأكشن”، من بينها عملية استنفرت أجهزة الدرك الملكي بالمدينة، وتمت حين قام 4 أشخاص ملثمين كانوا على متن سيارة تحمل لوحات ترقيم مدينة الحسيمة، بمطاردة سائق سيارة أخرى مرقمة بطنجة، وأجبروه على التوقف قرب أحد المقاهي بجماعة اكزناية (ضواحي طنجة)، لتندلع بينهم مواجهات استعملت فيها الأسلحة البيضاء والهراوات، قبل أن يلجأ السائق المستهدف إلى الاستعانة بنقدية صيد، وأطلق منها عيارات نارية أجبرت مطارديه على الفرار في اتجاه طريق أشقار الساحلية.

وبحسب مصادر أمنية، فإن الأمر يتعلق بمواجهة مسلحة بين عصابتين تنشطان في مجال الاتجار في المخدرات، مبرزة أن عناصر الدرك الملكي التحقت بالمكان الحادث فور علمها بالخبر، وعثرت على شظايا الرصاص لازالت مرمية في المكان، حيث أخذوا بقاياها إلى المختبر الجهوي للدرك من أجل إجراء خبرة عليها، فيما أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق في الواقعة، التي يرجح أن لها صلة بصفية الحسابات.

فجرائم الرصاص بهذه المنطقة لها قصص وحكايات مرعبة، جعلت كل المهتمين يتساءلون عن  الكيفية التي تتسرب بها هذه الأسلحة إلى المدينة، وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية المراقبة عند الحدود، بالرغم من الأخبار والقصاصات التي تتحدث في كل مرة عن حجز أسلحة نارية مختلفة العيارات يتم ضبطها غالبا بحوزة مهاجرين المغاربة بالميناء المتوسطي.

وعبر عدد من المهتمين بالوضع الأمني بالمدينة، عن تخوفهم وقلقهم من تزايد نسبة الجريمة المنظمة بالمدينة، خاصة التي استعمل فيها الرصاص الحي وسقط فيها ضحايا وجرحى من المواطنين المغاربة، دون أن يتمكن الأمن من الوصول إلى مرتكبيها، واصفين ما يحصل بـ “انفلات أمني خطير”.

وأجمع المهتمون، أن ما يحدث يكشف عن خلل كبير على مستوى المنظومة الأمنية، نظرا لغياب المعلومة وانعدام التنسيق بين الأجهزة الأمنية في المدينة، بالإضافة إلى غياب كلي في عملية التواصل بين إدارة الأمن والمواطنين، الذين بدونهم لا يمكن تحقيق الأمن المنشود، لا سيما  أن مسؤوليات رجال الأمن ازدادت في السنوات الأخيرة، بالنظر إلى الجبهات المتعددة التي يواجهونها سواء مع الأفارقة أو تجار وعصابة المخدرات.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*