“كودايين”.. مخدر جديد يغزو المدارس ومقاهي الشيشة بطنجة

“كودايين”.. مخدر جديد يغزو المدارس ومقاهي الشيشة بطنجة

14 مارس, 2022

غزا مخدر جديد، خلال المدة الأخيرة، جل مقاهي الشيشة وقاعات الألعاب بمدينة طنجة، وانتشر بشكل مخيف بين فئة تلاميذ وتلميذات المؤسسات التربوية بالمدينة، سواء العمومية أو الخصوصية، ما أثار قلقا ومخاوف كبيرة لدى جمعيات مهتمة بمكافحة الإدمان والوقاية من تعاطي المخدرات بالمدينة، وكذا أولياء التلاميذ والأطر الإدارية والتربوية، الذين دقوا ناقوس الخطر ونبهوا إلى خطورة هذا “المشروب العجيب”.

وتفاجأ عدد من الصيادلة بعاصمة البوغاز، خلال الشهور الأخيرة، بتزايد الطلب على الأدوية التي تكون مادة “كودايين” قاعدة أساسية لتركبتها، خاصة من قبل الشباب والمراهقين، الذين أصبحوا يترددون على الصيدليات باستمرار لاقتناء هذا الدواء، المخصص لمعالجة السعال والآلام الخفيفة والمتوسطة، ما أثار الشكوك بشأن استعمالاته، ودفع ببعض الصيادلة ومساعديهم إلى مطالبة الشباب الراغبين في اقتنائه الوصفة الطبية، أو الامتناع عن بيعه بحجة عدم توفره، تجنبا لأي مشكل ممكن حدوثه، لاسيما أن تناول جرعات عالية من مادة “كودايين” يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة ومدمرة، منها نزيف في الدماغ، وفشل الجهاز التنفسي، ومشاكل في القلب، وفقدان الوعي أو الغيبوبة، ويؤدي كذلك في بعض الحالات إلى الموت.

وأفاد أحد الصيادلة بالمدينة، أنه بعد استفساره لعدد من الشباب عن سر تهافتهم على هذا  نوع من الدواء، تفاجأ بحقيقة مفزعة، حين أقر أحد زبنائه من الشباب بأنه مدمن على المخدرات، ويستعمل هذا المشروب لأنه يشعره في وقت قصير جدا بالسعادة والانتشاء، وكشف عن طريقة تحضيره، التي تتم بمزج قارورة من سيروم “كودايين” مع لتر واحد من مشروب غازي بطعم الليمون المنعش “سبرايت”، والعمل على تخليط السائلين جيدا إلى حين أن يمتزجا ويكونا محلولا متجانسا يشرب على شكل عصير.

وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن إقبال الشباب والمراهقين على هذا الدواء، يرجع إلى عدة أسباب منها ثمنه المناسب وسهولة تحضيره والحصول عليه، لأنه يباع في الصيدليات بدون وصفة طبية، بالإضافة إلى أنه يعطي انتعاشة قوية لمستعمليه تدوم وقتا طويلة، إلا أن استعماله لفترة طويلة، يقول الصيدلاني، يعتبر بوابة لإدمان على المواد الأفيونية الأخرى، مثل المورفين والهيروين.

“كودايين” يغزو مقاهي الشيشا وقاعات الألعاب

أكد عدد من رواد مقاهي الشيشا وقاعات الألعاب الإلكترونية و”الكولفازير”، أن مخدر “الكودايين” ليس بضاعة جديدة بالنسبة لزبناء هذه الفضاءات، بل هو مشروبات يقدم عادة في كؤوس على شكل عصير يصعب التعرف على محتواه، خاصة بقاعات الألعاب العشوائية التي تنتشر وسط الأحياء السكنية المنعزلة، التي تستفحل فيها العطالة وتتفشى بها الجريمة بكل أنواعها، وأصبحت تمثل كابوسا مزعجا وقلقا بالنسبة للجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني وعدد من الفاعلين والنشطاء الحقوقيين بالمدينة.

وأوضحت نفس المصادر، أن جل هذه الأوكار تستقبل يوميا أطفالا وشبابا من مختلف الأعمار، دون أي مراقبة لما يجري داخلها من سلوكات وأنشطة مشبوهة، كالتدخين واستهلاك المخدرات بشتى أنواعها والعنف الجسدي والتحرش الجنسي بالمراهقين من قبل المنحرفين وأصحاب السوابق.

آباء وأطر تربوية تستنكر

أثار شيوع خبر انتشار هذا “المشروب العجيب” في الوسط التلاميذي بالمؤسسات التعليمية بطنجة، سواء العمومية أو الخاصة، قلقا وفزعا لدى أسر التلاميذ والأطر الإدارية والتربوية، الذين استنكروا السلوكيات المشينة التي تمارس بجنبات المدارس من قبل عدد من تجار ومروجي المخدرات، الذين أصبحوا يستهدفون الوسط المدرسي، ويحاولون استقطاب وإغراء المراهقين والمراهقات من المتمدرسين لتجريب بضاعتهم الجديدة، التي لا تقل خطورتها عن المخدرات الكلاسيكية، كالكوكايين والهروين والمعجون والأقراص المهلوسة…

وقال مدير مؤسسة تعليمية بالمدينة، فضل عدم الكشف عن هويته، إن “ظاهرة انتشار قاعات الألعاب بالقرب من المؤسسات التعليمية، هي من الأسباب الرئيسة المساهمة في انتشار مثل هذه الأنواع من المخدرات بين المراهقين والمتمدرسين، نظرا لثمنها المناسب وسهولة تحضيرها، بالإضافة إلى تهاون الآباء بالسماح لأبنائهم الذهاب إلى هذه القاعات، نظرا لعدم إدراكهم لحجم الضرر الذي يمكن أن يلحق بأبنائهم بعد أن يصبحوا مدمنين عليها ومهملين لدراستهم، إذا أصبح من الواجب التشديد في منح الرخص لهذه القاعات، عبر دفتر تحملات صارم يلزم عدم قبول القاصرين دون سن 18 سنة داخل هذه الفضاءات  ومراقبة المشروبات والمواد المستهلكة، فضلا عن احترام مواقيت الفتح والإغلاق”.

جمعيات حقوقية تسنكر

من جانب آخر، استنكر نشطاء جمعويون هذا الواقع الخطير، لاسيما بعد أن تحولت الفضاءات الألعاب إلى أوكار لاصطياد الشباب والمراهقين والإيقاع بهم في أتون المخدرات، مشددين على ضرورة حماية المؤسسات التعليمية ومحيطها الخارجي من الانتهاكات الخطيرة التي أصبحت تهدد سلامة المتمدرسين، لاسيما أمام تفشي ظاهرة الاتجار والتعاطي للمخدرات، واستفحال التحرش الجنسي والعنف المدرسي الذي تطور إلى مستوى “الجريمة المدرسية”، وطالبوا بعدم الاعتماد على المقاربات الأمنية، بل بتكاثف جهود الجميع وإطلاق حملات واسعة للتوعية والتحذير من خطورة استهلاك المخدرات لدى فئة الشباب والمراهقين الذين يمثلون نسبة هامة من سكان البلاد.

 مديرية التعليم آخر من يعلم

نفى مسؤول من مدرية التعليم بعمالة طنجة أصيلة، علمه بالمخدر الجديد، وقال “لا علم لي بالموضوع، ولم نتوصل بأي شكاية أو معلومات عن ذلك من قبل مديري المؤسسات التعليمية أو جمعيات آباء وأولياء التلاميذ”، مؤكدا أن السلوكيات غير السوية التي تصدر خارج المؤسسات التعليمية “ليست من اختصاص وزارة التعليم”.

واعترف المسؤول التربوي، بأن آفة تعاطي المخدرات والسجائر وإدمانها تتفشى يوما بعد يوم في الوسط المدرسي، محملا مسؤولية ذلك إلى الآباء والأمهات، لعدم مراقبة أبنائهم في أوقات الفراغ والحالات التي يتغيب فيها أساتذتهم، وكذا الجماعة الحضرية لطنجة، التي تمنح التراخيص لمقاهي الشيشا ومحلات للملاهي بجوار المؤسسات التعليمية، ما ساهم في تخريب عقول الأطفال اليافعين حتى أصبح أغلبهم مهملا لدراسته، وهو أمر خطير جدا يدعو إلى أكثر من وقفة.

 ودعا المصدر من كل القوى الحية والغيورة على المدينة وشبابها، أن يتدخلوا بشدة وحزم للحد من التردي الخطير للأوضاع بالمؤسسات التعليمية بالمدينة، وذلك من دون اعتماد المقاربات الأمنية المتضخمة، بل بتكاثف جهود الجميع المتدخلين، من مجتمع مدني ومسؤولين أمنيين وتربويين ومنتخبين جماعيين وبرلمانين…

“كودايين” مادة أفيونية

“كودايين” مادة توجد عادة في الشراب المقاول للسعال، وتستخدم أيضا لعلاج الآلام الخفيفة والمتوسطة، نتيجة تحويله في الجسم عن طريق الكبد إلى المورفين، الذي هو من أكثر المواد الأفيونية شيوعا في مجالات الطب والصيدلة.

وأكدت جميع تقارير الطبية، أن مشروب “كودايين”، الذي ظهر لأول مرة في أمريكا سنة 2013 في السهرات الموسيقية والنوادي الليلية، يعطي تناوله بكميات كبيرة انتعاشة قوية لمستعمليه، وكذا الإحساس بمشاعر المتعة والبهجة، إلا أن الاستمرار في شربه  بشكل غير صحيح يؤدي إلى الإدمان، ويتسبب في مضاعفات خطيرة كإبطاء التنفس وضربات القلب، ما قد يؤدي إلى الوفاة.

وتتجلى علامات الإدمان على “كودايين”، في الأعراض السلوكية والجسدية التي يمكن أن تظهر على هيئة مستعمليه، من بينها الإكثار من عمليات الاستحمام وغسل الملابس، وكذا تغيرات عاطفية وتقلبات مزاجية وارتباك في الشخصية، بالإضافة إلى مشاكل في النوم وتزايد نزعات العنف والغضب.

المختار الرمشي (الصباح)

 

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*