بعد مرور أشهر طويلة على تفجير القضية المعروفة إعلاميا بعملية “هاديس”، والتي شغلت الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية، رفع القضاء بالجارة الشمالية، السرية عن التحقيقات في ملف النفق السري لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق.
هذا ما أكدته صحيفة “إلفارو دي سيوتا” الإسبانية، مشيرة إلى أن هذه العملية التي يقودها الحرس المدني الإسباني، قد شهدت تطورا سريعا، بعد اكتشاف نفق يمتد حوالي 50 مترا تحت الأرض، يربط بين منطقة “واد الضاويات” في الفنيدق، ومنطقة “تاراخال” في سبتة المحتلة.
وذكرت الصحيفة المحلية، أن ما لا يقل عن 3 عملاء سريين عملوا بهويات مزورة، تسللوا منذ وقت طويل داخل الشبكة الإجرامية، بهدف جمع معلومات وأدلة، أدت إلى سلسلة الاعتقالات بين يناير وأبريل من هذا العام. موضحة أن هناك عنصران آخران من الحرس المدني يخضعان للتحقيق دون اعتقال، وآخرهم تم استجوابه قبل بضعة أسابيع.
ووفقا للتحقيقات التي اعتمدت على أجهزة تعقب (جي بي إس)، ومراقبة مستمرة، وتسجيلات صوتية في السيارات ومحيطها، “كانت البضائع تهرب من المغرب وتخفى في شاحنات كبيرة عبر موانئ سبتة والجزيرة الخضراء، باستخدام مستودعات لإخفاء الكميات وإعداد الشاحنات بأرضيات مزدوجة”، وهو ما يتطلب وفق المصدر، “مستوى عالٍ من التحصين والتكتم”، لافتا إلى أن التحقيق الروتيني “كان مستحيلا بسبب تورط عناصر من داخل الجسم الأمني، بالإضافة إلى مجرمين محترفين يتواصلون عبر تطبيقات مشفرة”.
وتعود تفاصيل القضية التي استأثرت باهتمام الإعلام الدولي، إلى أواخر يناير الماضي، حين ألقت عناصر الشؤون الداخلية الإسبانية، القبض على النائب في مجلس مدينة سبتة، محمد علي داوس، قبل أن يصدر الأمر بحبسه احتياطيا، إلى جانب 7 معتقلين آخرين، من بينهم اثنان من عناصر الحرس المدني العاملين في وحدة الجمارك، ووحدة مراقبة الحدود.
وأفادت “إلفارو دي سيوتا”، أن الشؤون الداخلية، كانت قد بدأت تحقيقاتها قبل عامين، إثر ظهور دلائل على نشاط منظمة إجرامية تعمل في تهريب المخدرات، وترتكب جرائم أخرى، كالرشوة، وكشف أسرار الدولة، وذلك بعدما زود مركز التحليل والاستخبارات الإقليمي، المحققين، بمعلومات تم التحقق منها لاحقاً، بالتعاون مع وحدة الجرائم المنظمة، حيث كشفت الأولية التحقيقات عن شبكة منظمة متمركزة في سبتة المحتلة، ولها امتدادات في المغرب والبر الإسباني.
ولعل ما زاد من أهمية هذا الملف، هو تورط مجموعة من الأسماء المعروفة بالقضية، والذين يبلغ عدد حوالي عشرين شخصا، في ظل استمرار التحقيقات، أبرزهم النائب الإسباني، محمد علي دواس، وشقيقه، وابن أخيه، حيث اعتبر الحرس المدني تحركاتهم، كانت تسيطر على تهريب الحشيش من سبتة المحتلة إلى إسبانيا، مع نية التوسع إلى السوق الأوروبية، “إذ كانوا قد اشتروا أمنا، يتمثل في ضباط فاسدين في الحرس المدني”.
هذا، وتشير التقارير، إلى أن المسؤول الإسباني، شارك في عملية نقل 1,397 كيلوغرام من “الحشيش”، تم ضبطها في مالقة، في 29 يناير الماضي، “وكان له دور أساسي في دفع تكاليف العملية”. مستنتجة أن هذه المنظمة الإجرامية قد يكون مقرها سبتة المحتلة، وممتدة إلى إشبيلية، بحيث أنه تم توقيف خمسة أشخاص إضافيين، في الحادي عشر من فبراير الماضي، مع 4 آخرين خاضعوا للتحقيق دون اعتقال.
جدير بالذكر، أن السلطات الإسبانية عثرت على النفق الذي يرجح أنه بني سنة 2022، منتصف فبراير الماضي، بعد شبهات طالت مستودعات في منطقة “تراخال”، قرب الحدود مع الفنيدق.
وشارك في العملية الأمنية التي رفعت المحكمة الوطنية السرية عنها، كل من الحرس المدني في مجال مكافحة تهريب المخدرات، ووحدات الشؤون الداخلية، ووحدة الجرائم المنظمة، ومركز التحليل والاستخبارات الإقليمي ضد المخدرات، قبل انضمام السلطات المغربية، بطلب إسباني، عقب اكتشاف النفق.