كشف تقرير مؤشر أداء موانئ الحاويات لسنة 2024 الصادر عن البنك الدولي عن تحولات كبرى في خريطة التجارة البحرية العالمية، حيث سجل ميناء طنجة المتوسط أداء استثنائيا جعله ينافس كبار الموانئ العالمية.
وقد نجح الميناء في معالجة أكثر من 10.24 مليون حاوية مكافئة خلال السنة نفسها، محققا نموا بنسبة 18.9%، وهي واحدة من أعلى المعدلات بين أكبر 30 ميناء على مستوى العالم، هذا الإنجاز يمثل أول مرة يتجاوز فيها طنجة المتوسط عتبة الـ10 ملايين حاوية، ما يؤكد دوره المتصاعد في حركة الشحن الدولية.
ويعتمد نجاح طنجة المتوسط على نموذج متكامل يجمع بين الميناء الصناعي والمنطقة الحرة والخدمات اللوجستية، وهو ما استقطب أكثر من 1400 شركة، من بينها مصنع رونو الذي يشغل 12 ألف عامل، إلى جانب فاعلين رئيسيين في صناعات الطيران والإلكترونيات والنسيج.
هذا التكامل يخلق تدفقا مستمرا من واردات قطع الغيار وصادرات المنتجات النهائية، ويعزز ديناميكية اقتصادية مستقلة، مدعومة بموقع استراتيجي عند مضيق جبل طارق، يربط بين أوروبا وإفريقيا وآسيا، مع اتصال مباشر بـ180 ميناء في 70 دولة.
وقد أشار التقرير إلى أن أداء طنجة المتوسط وحده تجاوز مجموع الأداء في ميناءي فالنسيا والجزيرة الخضراء الإسبانيين، اللذين سجل كل منهما 5.47 و4.70 مليون حاوية على التوالي خلال 2024، ما أدى إلى خروج الموانئ الإسبانية من قائمة العشرين الكبار عالمياً، وأعاد رسم خريطة القوة البحرية في غرب المتوسط لصالح المغرب.
ويبرز هذا الإنجاز المغربي أيضا في سياق صعود إفريقيا كمركز فاعل في التجارة البحرية، حيث سلط التقرير الضوء على ميناء بورسعيد المصري الذي سجل تحسنا كبيرا في مرتبته العالمية، وهو ما يعكس استراتيجية تنموية ناجحة مدعومة بتحديث البنية التحتية وتوسعة محطة حاويات قناة السويس.
ويؤكد التقرير أن طنجة المتوسط أصبح نموذجا فريدا يجمع بين الكفاءة التشغيلية العالية والإمكانات الاقتصادية والصناعية، محتلا المرتبة الخامسة عالميا ضمن أفضل خمسة موانئ من حيث الكفاءة، ما يرسخ مكانته كقطب رئيسي في التجارة البحرية العالمية، ويمنحه دورا قياديا في إعادة رسم التوازن الاقتصادي البحري بين أوروبا وإفريقيا.