طنجة تحتضن أول دورة إفريقية للأيام المتوسطية للهندسة المينائية

طنجة تحتضن أول دورة إفريقية للأيام المتوسطية للهندسة المينائية

30 أكتوبر, 2025

افتتحت اليوم الأربعاء بطنجة الدورة السادسة للأيام المتوسطية للهندسة المينائية والساحلية (PIANC MedDays 2025)، بحضور ثلة من الخبراء والمهندسين والباحثين وصناع القرار المغاربة والدوليين.

ويروم هذا الحدث، المنظم بتعاون بين الجمعية المغربية للهندسة المينائية والبحرية (AMIPM) والجمعية العالمية للبنى التحتية البحرية والنهرية (PIANC International) ، تحت رعاية وزارة التجهيز والماء، والذي يعقد لأول مرة على مستوى القارة الإفريقية، تعزيز التعاون الإقليمي في المجالين المينائي والبحري، وتبادل الخبرات، وتشجيع الابتكار من أجل إدارة مستدامة للبنى التحتية في مواجهة تحديات التغير المناخي.

وفي كلمته بالمناسبة، أكد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن هذه الأيام أضحت موعدا مهما في أجندة الهندسة المينائية والبحرية على مستوى حوض المتوسط، مبرزا أن تنظيمها في طنجة يعكس التزام المغرب الدائم بالتميز والتعاون الإقليمي والابتكار في هذين المجالين.

وأوضح الوزير أن الحدث، الذي يمتد على مدى يومين، يتيح للمشاركين فرصة النقاش وتبادل الآراء حول التحديات الكبرى التي تواجه هذا القطاع الحيوي، مشيرا الى أربع أولويات رئيسية تتمثل في الانتقال الطاقي والإيكولوجي، وتكييف البنى التحتية المينائية والبحرية مع آثار التغيرات المناخية، والأمن والسلامة والأداء العملي للمشاريع والمنشآت البحرية، وكذا إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي في التخطيط والتدبير وصيانة واستغلال الموانئ.

وأشار الوزير إلى أن المشاريع الهيكلية الكبرى، مثل الناظور غرب المتوسط والداخلة الأطلسي وتوسعة ميناءي طنجة المتوسط والدار البيضاء، تجسد بوضوح الطموح الوطني لجعل المملكة مركزا مينائيا مرجعيا على المستويين الأطلسي والمتوسطي، مؤكدا أن هذه المشاريع ليست مجرد إنجازات هندسية، بل رمزا للإرادة الجماعية في التحديث والانفتاح والتميز والاستدامة.

من جهتها، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن المغرب قطع مراحل حاسمة في تنفيذ سياسته الوطنية للتدبير المندمج والمستدام للساحل، عبر القانون 81-12 المتعلق بالساحل، والمصادقة على المخطط الوطني للساحل (PNL) في عام 2022.

وقالت السيد بنعلي “في إطار مبادرة الممر الأطلسي الاستراتيجية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يلتزم المغرب بجعل المحيط الأطلسي فضاء للتعاون جنوب – جنوب، يخدم التنمية المشتركة والاندماج الإقليمي”، مؤكدة أن الأمر لا يقتصر على ممر لوجستي أو طاقي أو رقمي، بل هو ممر إنساني يربط بين شعوب قارتين موجه لفك العزلة عن آخر خزان للإمكانات الإنتاجية في العالم، وهو إفريقيا.

وأكدت الوزيرة أن المغرب منخرط بقوة في التحولات الدولية الجارية على المستويات الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية، من أجل جعل الساحل فضاء للاستدامة والابتكار والازدهار المشترك.

أما رئيس الجمعية العالمية للبنى التحتية البحرية والنهرية، فرانسيسكو إستيبان ليفلر، فقد أعرب عن سروره بانعقاد هذا الحدث في المغرب، مشيرا إلى أنه في عالم الملاحة والتجارة، يواجه المتوسط اليوم تحديات بيئية كبيرة تتطلب مقاربة شمولية تشمل جميع ضفافه.

وأضاف أن هذه الأيام تمثل مثالا رائعا للتعاون الملموس والمنفتح بين دول حوض المتوسط، قائلا “نحن هنا من أجل إدماج حقيقي للمغرب” في هذا الشبكة الدولية.

وبعد أن أعرب عن أمله في أن تستقطب الدورات المقبلة دولا أكثر من القارات الثلاث (إفريقيا – آسيا – أوروبا)، نوه رئيس الجمعية العالمية للبنى التحتية البحرية والنهرية بالمستوى التقني الرفيع للعروض المختارة وهو شهادة على المستوى العالي لهذا المؤتمر الدولي وفرص التواصل الممتازة التي يقدمها للمشاركين.

أما رئيسة الجمعية المغربية للهندسة المينائية والبحرية، سناء العمراني، فأشارت إلى أن هذا الحدث البارز، الذي ينظم لأول مرة في الضفة الجنوبية للمتوسط، يعرف مشاركة أكثر من 500 مشارك من آفاق متنوعة تجمعهم نفس الرغبة في تعزيز الخبرة والابتكار في المجال المينائي والبحري.

وأشارت العمراني إلى أن الجمعية أضحت تمثل “الفرع المغربي للجمعية العالمية للبنى التحتية البحرية والنهرية” داعية جميع الفاعلين في المنظومة المينائية والبحرية الوطنية إلى الانضمام إليها للاستفادة من شبكة واسعة من الخبرات العالمية، بما يعزز التميز والتبادل والتآزر والابتكار.

من جهته، أكد المدير العام للوكالة الوطنية للموانئ، مصطفى فارس، أن المغرب، بفضل الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، اختار جعل واجهاته البحرية، الأطلسية والمتوسطية، رافعتين استراتيجيتين حقيقيتين للتنمية والتعاون والإشعاع الدولي.

وأوضح أن الواجهة الأطلسية، المنفتحة على إفريقيا الغربية والساحل، والواجهة المتوسطية المنخرطة في التدفقات الكبرى العالمية، تشكلان ركيزتين متكاملتين للدور البحري للمغرب، المؤهلتان لأن تصبحا فضاءين للازدهار المشترك والابتكار والتضامن.

وأضاف أن هذه الطموحات تتجسد في مشاريع بارزة مثل طنجة المتوسط والناظور غرب المتوسط وتوسعة ميناء الدار البيضاء، التي لا تشكل، بالنسبة إليه، فقط مشاريع هندسية، بل ركائز أساسية في الاستراتيجية المينائية 2030، الهادفة إلى جعل المغرب مركزا لوجستيا رائدا منفتحا على إفريقيا والعالم.

وكشف فارس أن الوكالة تعمل على مشروع فريد من نوعه يتمثل في تطوير “e-Bloc Made in Morocco” .

موضحا أنه مكون اصطناعي ذكي سيتم تصميمه وتصنيعه بفضل خبرات وطنية، ويمثل طفرة كبيرة الى الأمام وتعكس المغرب الذي يبتكر ويصدر حلوله.

وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذه الأيام بتوقيع ثلاث اتفاقيات تعاون تهدف إلى تعزيز الشراكة التقنية والعلمية بين المؤسسات الوطنية والدولية في مجالات الهندسة المينائية والتدبير المستدام للسواحل.

بالموازاة مع هذه الأيام، تنعقد الدورة الثالثة من “يوم البنية التحتية” (Infra Day) المنظمة من قبل الوكالة الوطنية للموانئ، والتي تم تخصيصها لعرض أهم المشاريع المينائية الوطنية، من بينها ميناء الدار البيضاء، ميناء الداخلة الأطلسي وميناء الناظور غرب المتوسط.

ويقترح هذا الحدث عروضا تقنية وجلسات ابتكار تتناول تعميق الأرصفة وتحسين البنى التحتية والحلول الرقمية لتدبير الموانئ، إضافة إلى أفضل الممارسات في مجالات السلامة والاستدامة.

وبمشاركة أكثر من ستين خبيرا مغربيا ودوليا وبحضور ما يزيد على خمسمائة مشارك من مختلف الجنسيات، رسخت الأيام المتوسطية للهندسة الساحلية والبحرية مكانتها كمحطة علمية وتقنية بارزة لتبادل المعارف وتعزيز التعاون بين الفاعلين العموميين والخواص والأوساط الأكاديمية.

وعلى هامش البرنامج العلمي، سيتم تنظيم زيارات ميدانية تقنية إلى ميناء طنجة المتوسط ومنارة كاب سبارطيل، يتم خلالها إبراز الكفاءة والخبرة المغربية في مجال الهندسة المينائية والساحلية.

وتأتي هذه الدورة، التي تمتد على مدى يومين، ليؤكد المغرب التزامه بدورها كفاعل رئيسي في التعاون المتوسطي والدولي، وسعيه نحو تنمية مينائية وبحرية مستدامة ومبتكرة ومرنة.

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*