أجمع ممثلو الأحزاب السياسية وحقوقيون وفعاليات من المجتمع المدني بطنجة، أن التطورات الأخيرة التي تعرفها قضية الوحدة الترابية للمملكة لا تهم السياسة الرسمية للبلاد فقط ، بل هي قضية الشعب المغربي برمته، وتستوجب تعبئة وطنية شاملة ومستمرة لإحباط كل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة الوطن وتروم تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمنطقة العازلة بشرق الجدار الأمني المغربي.
وفي هذا الصدد، أكد العمراني بوخبزة، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بطنجة، أن الوضع الحالي خطير للغاية بالنظر إلى ما تقوم به جبهة البوليساريو من تصرفات واستفزازات تسعى من ورائها إلى خلط أوراق المبعوث الأممي الجديد واعتماده منهجية معينة في معالجة وتدبير ملف الصحراء المغربية بما يخدم أطروحتها المرفوضة، وتدفع كذلك المغرب إلى التخلي عن سياسة ضبط النفس وجره إلى مواجهة عسكرية رغم أنها تعلم جيدا أن دخولها هذه المغامرة “غير المتكافئة” لن تجني منها سوى الخسارة.
وقال العمراني، إنه “من المعلوم أن التحركات العسكرية والحملات الإعلامية التي تستهدف إعادة تشكيل خريطة المنطقة، جاءت بعد أن حقق المغرب في السنوات الأخيرة الكثير من الاعترافات على مستوى المعاقل الداعمة للبوليساريو، وتأتي كذلك كنتيجة للوضع الداخلي المتأزم للجارة الشرقية الجزائر، التي تحاول الرفع من وتيرة التوتر في المنطقة لتوجيه الرأي العام الداخلي الجزائري نحو هذا الملف، بالإضافة إلى التشويش الممنهج على معدي التقرير السنوي حول الصحراء المغربية، الذي من المنتظر تقديمه للأمين العام للأمم المتحدة في إبريل الجاري”.
وأبرز بوخبزة، أن التحرك العسكري هو أمر أساسي للحد من استفزازات الأطراف الأخرى، إذ من خلاله يبرهن المغرب للمجتمع الدولي أنه مستعد للاحتمالات العسكرية، في نفس الوقت يجب الانخراط في المفاوضات بطريقة عادية عن طريق المبعوث الأممي، بالإضافة إلى التعبئة الداخلية عبر جميع المؤسسات المؤطرة للمجتمع المدني الذي أصبح معنيا بهذا الملف ويساهم بكل مكوناته بالدفاع عنه.
من جهته، أكد عبد الله الزايدي، وهو ناشط حقوقي بالمدينة، على ضرورة التصدي لكل الاستفزازات التي تقوم بها قوات البوليساريو في المنطقة العازلة، وتطبيق الصرامة اللازمة ضدها من أجل المحافظة على الوحدة الترابية للمغرب، داعيا كل المغاربة إلى التأهب والتصدي لكل ما من شأنه المس بالوحدة الوطنية، ومن الهيئات الأممية المختصة بتحمل مسؤولياتها الكاملة بهذا الخصوص.
وأوضح الزايدي أن الظروف الحالية تتطلب من المغرب أن لا يظل مكتوف الأيدي إزاء الهجمات التي تستهدف الوحدة الترابية، لأن المغرب يوجد في مفترق الطرق، إما أن تعي الأطراف الأخرى خطورة ما أقدمت عليه من محاولة لتغيير الوضع الحالي وإحداث وضع جديد يربك بشكل كلي مخططات المغرب والأمم المتحدة في البحث عن حل سياسي سلمي، أو الدخول بقوة لوقف مناورات الخصوم بكل صرامة وحزم والتعبئة.
الطيب بوشيبة، المنسق الجهوي لمنظمة “ما تقيشي ولدي”، أكد بأنه بالإضافة إلى الرفع من وتيرة العمل الدبلوماسي، خاصة لدى مجلس الأمن والعواصم المؤثرة في القرار الخاص بهذا الملف، يجب العمل على توحيد كل قوى الشعب المغربي من أجل تأكيد أن الصحراء المغربية غير خاضعة لأي تفاوض من شأنه أن يمس بسيادته، ولو تطلب الأمر الدخول في حرب إذا كان هذا ما تريده الجزائر.
وأبرز الناشط الحقوقي أن هذه اللحظة تعتبر منعطفا حاسما في تاريخ المغرب وتتطلب من الحكومة التدخل بالصرامة اللازمة واتخاذ الإجراءات الضرورية لتحميل المنتظم الدولي كافة المسؤوليات فيما ستؤول إليه الأمور في حال تمادي أعداء الوحدة في موقفهم، مع المزيد من التعبئة لكسب المزيد من التأييد للمقترح المغربي، سواء في إفريقيا أو في غيرها من بلدان العالم.
أما عثمان المرنيسي، أحد الفاعلين الاقتصاديين بمنطقة الشمال، فدعى إلى تنظيم مسيرة مليونية بالعاصمة الرباط، لإعطاء إشارات قوية لخصومنا وللمنتظم الدولي، على أن المغاربة، كيفما كانت مشاكلهم الداخلية، يتوحدون في صفوف متراصة حينما يتعلق الامر بالقضية الوطنية.
وأوضح المرنيسي، أن المغاربة لن يسمحوا أبدا بأن تمس قضيتهم الوطنية الأولى، ولن يتساهلوا مع جبهة البوليساريو بتغيير الوضعية الجغرافية للمنطقة، خاصة داخل المنطقة العازلة، التي يسمونها “المنطقة المحررة”، ويحاولون استواطنها من قبل المحتجزين المغاربة المغلوب على أمرهم، رغم أنهم يفتقدون لمقومات الدولة وعدم امتلاكهم لعنصر أساسي و هو العنصر الإقليمي.
المختار الرمشي (الصباح)