تعددت، في السنوات الأخيرة، خلف أسوار المؤسسات السجنية بمدن الشمال، حوادث خطيرة والاصطدامات بين السجناء وصلت درجة عنفها في حالات عديدة إلى حد القتل، وحدثت إما نتيجة للصراعات القائمة بين عصابات ترويج الممنوعات داخل السجون، أو بسبب التحرش الجنسي والعقوبات القاسية التي يتعرض لها السجناء من قبل موظفي الإدارة وحرمانهم من العلاج.
فسجون طنجة وتطوان على الخصوص، التي تتميز عن باقي سجون المملكة باحتواءها لنسبة كبيرة ممن تمت إدانتهم في جرائم جنائية تتعلق بالاتجار في المخدرات، تعرف ارتفاعا خطيرا في معدلات الإجرام والعنف بين نزلائها أحيانا، وبينهم وبين سجانيهم في أحيان أخرى، وهو ما يسفر عن جرائم قتل تظل أسابها في كثير من الحالات غامضة، وتصنف بعضها في خانة “الانتحار”.
ومن بين الحوادث المثيرة التي شهدها سجن “سات فيلاج” بطنجة، وظلت محط انتقاد من قبل منظمات وهيئات حقوقية، حادثة وفاة الشاب عبد السلام الشنتوف، الذي لقي حتفه في ظروف غامضة وسط زنزانته، ورفضت أسرته تسلم جثته احتجاجا على إدارة السجن، التي “ادعت”، بحسب أسرة الضحية، بأن السجين أقدم على الانتحار شنقا باستخدام حبل أعده من غطاء السرير الذي ينام عليه.
وذكرت أسرة الهالك، البالغ من العمر 19 سنة، في شكاية تقدمت بها للوكيل العام لدى استئنافية المدينة، أن إقدام ابنها على الانتحار أمر مشكوك فيه وغير مقبول لكونه لم يكن يعاني من أي اضطرابات نفسية طيلة الفترة التي قضاها بالسجن المذكور، مؤكدة أن الوفاة ناتجة عن اعتداء تعرض له ابنها داخل السجن، بالإضافة إلى الإهمال الطبي وعدم تقديم الإسعافات الضرورة في الوقت المناسب، مطالبة بإجراء تشريح على الجثة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الوفاة، وفتح تحقيق سريع ودقيق بشأن النازلة، لتحديد المكان والزمان وظروف إقدام الضحية على الانتحار “المزعوم”.
وفي الوقت الذي أكدت فيه إدارة السجن أن الهالك، الذي كان يقضي عقوبة حبسية مدتها 12 سنة، أقدم على الانتحار بزنزانته لأسباب مجهولة، ذهبت تقارير حقوقية إلى أن الضحية تعرض لاعتداء جنسي من قبل ثلاثة سجناء، الذين مارسوا عليه الجنس باستعمال القوة والعنف تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض لإجباره على تلبية رغباتهم الجنسية بالتناوب رغم محاولته توقيفهم عن هذا الفعل الوحشي، مبرزة (التقارير) أنه أقدم على الانتحار خوفا من الفضيحة بعد أن انتشار الخبر.
وغير بعيد عن طنجة، شهد سجن “الصومال” بتطوان أحداث مثيرة لعل من أخطرها مصرع سجين لا يتعدى سنه 19 سنة، إثر تلقيه طعنة غادرة بواسطة آلة حادة وجهها له أحد النزلاء بساحة السجن أثناء الفسحة الصباحية، إذ بالرغم من الإسعافات الأولية التي قدمها له الحراس والطاقم الطبي التابع للسجن، ونقله على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي سانية الرمل بالمدينة، فارق الهالك الحياة متأثرا نزيف دموي حاد نتج عن جرح غائر أصابه بعنقه.
وكشفت التحقيقات التي باشرتها فرق البحث مع الجاني (حفيظ.ب)، وهو من مواليد 1995 بجبل درسة بتطوان، الذي كان يقضي عقوبة حبسية مدتها 3 سنوات من أجل تهم تتعلق بالسرقة والضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض، (كشفت) أن إقدامه على قتل زميله (محمد.ر)، الذي يتحدر من مدينة المضيق وهو الآخر مدان بثلاث سنوات بنفس التهم السابقة، كان بسبب خلافات تطورت إلى تشابك استغل فيه الجاني غفلة الحراس ليوجه لغريمه طعنة غادرة أصابته في عنقه، وذلك بواسطة آلة حادة كانت بحوزته.
ولم تقف الأبحاث، التي أمر من الوكيل العام لدى استئنافية تطوان، عند أسباب وتداعيات هذه الجريمة، بل وسعت عناصر الشرطة القضائية أبحاثها لمعرفة كيفية وصول أداة الجريمة إلى المتهم، رغم أنها من المواد الممنوعة، طبقا للقانون المنظم للسجون.
المختار الرمشي (الصباح)