حلت بالرصيف الأول لميناء طنجة المتوسط للمسافرين، زوال أمس السبت، باخرة “جينوفا”، قادمة من ميناء جينوا الإيطالي، وعلى متنها حوالي 1115 مسافر من مغاربة العالم العائدين لأرض الوطن لقضاء عطلتهم الصيفية، إذ بمجرد وصولها لمياه الميناء تجندت كل المؤسسات الحكومية المعنية، بما فيها السلطات المينائية والمحلية ومصالح الأمن والدرك والجمارك والصحة وعدد من شركات الملاحة البحرية، وذلك لتقديم يد المساعدة لمواطنينا المغاربة في المهجر وتوفير الشروط الجيدة لاستقبالهم وتسهيل عملية مغادرتهم لأرضية الميناء.
أول سيارة وطأت عجلاتها أرض الميناء كانت من نوع “فولزفاكن”، تقودها سيدة بجانبها رجل خمسيني وطفلان قاصران يجلسان في الخلف، التي تحدثت بكل عفوية قائلة “كل شيء تم على ما يرام، أنا سعيدة جدا ولم يسبق لي أن عشت لحظات ممتعة كهذه، اشتقت لبلدي وأحبابي وأصدقائي، عاش الملك، وعاش المغرب”.
وذكرت المهاجرة فاطمة الزهراء، وهي تتحدر من زاوية الشيخ بإقليم بني ملال، أنها بالرغم من صعوبة الوصول إلى ميناء الجينوة، الذي يبعد عن المنطقة التي تقطن بها بحوالي ألف كيلومتر، تحملت مشاقة السفر رفقة زوجها وأبنائها الصغار من أجل تجديد اللقاء بوطنها الحبيب وأهلها، مؤكدة أنها لم تكن تتوقع هذه الحفاوة التي استقبلت بها داخل الميناء، مبرزة أنها ممتنة لصاحب الجلالة الذي ما فتىء يحيط رعياه المغاربة بالخارج باهتمام دائم.
وعندما كنا نتحدث إلى هذه السيدة، كانت العشرات من السيارات تغادر في اتجاه محطة المراقبة، قبل أن نتمكن من توقيف إحداها، التي يمتطيها المهاجر المغربي البشير الميلودي من مدينة جينوفا الإيطالية، الذي قال وعلامات التعب بادية على محياه “قضينا أزيد من 48 ساعة داخل الباخرة وكان السفر شاقا ومتعبا، إلا أن حفاوة الاستقبال أنستنا كل ذلك، ونرجو أن تكون الإجراءات مخففة لمغادرة الميناء في أسرع وقت، لأننا تواقون إلى زيارة أرض الوطن وتجديد الوصال مع الأهل والأحباب، بعدما حالت الجائحة لأشهر طوال بينا وبين زيارة أرض الوطن”.
مهاجرون آخرون من الجالية المغربية بالخارج، الذين حلوا على متن هذه الرحلة، أطلقوا منبهات سياراتهم للتعبير عن فرحتهم بالوصول إلى بلدهم الأم، وأكدوا جميعا، وهم يلوحون بالأعلام الوطنية عالية ويرددون عبارات “عاش الملك”، “عاش المغرب”، أنهم تلقوا بفرح كبير المبادرة الملكية التي سهلت عودتهم إلى المغرب، مؤكدين أن أغلبهم لم يكونوا قادرين على زيارة المغرب مع أسرهم لقضاء عطلة الصيف، نظرا للأثمنة الخيالية التي اعتمدتها شركات الرحلات الجوية والبحرية تزامنا مع فتح الأجواء المغربية.
السلطة المينائية تجندت لإنجاح المهمة
أعرب كمال لخماس، مدير ميناء طنجة المتوسط للمسافرين عن سعادته البالغة لاستقبال أفراد الجالية المقيمة بالخارج، الذين جاءوا لزيارة بلدهم الجميل، بعد غياب دام لأزيد من سنة ونصف، مؤكدا أن كل المتدخلين قاموا بتعبئة كافة إمكاناتهم لإنجاح عملية “مرحبا 2021″، التي ابتدأت هذه السنة استثناء يوم 15 يونيو الجاري وتستمر إلى غاية 30 شتنبر المقبل، وعملوا على تعزيز كل الوسائل المادية واللوجستية والبشرية لضمان استقبال مغاربة العالم في أحسن الظروف وضبط سلاسة العبور، التي تحظى بمتابعة مباشرة من الملك محمد السادس، ويتوقع أن تصل إلى حوالي 48 ألف مسافر وما يفوق 15 ألف عربة أسبوعيا.
وقال لخماس، في تصريح صحفي، إن “المصالح التابعة لوزارة التجهيز والنقل، قامت باتصالات مكثفة مع شركات النقل البحري العاملة على الخطوط البحرية مع أوروبا، بهدف زيادة خطوط جديدة تنضاف إلى الخطوط التقليدية الرابطة مع موانئ “سيت” و”مرسيليا” و”جينوا” تمكن من الرفع من الطاقة الاستيعابية واعتماد أثمنة مناسبة للمسافرين، إذ ينتظر أن ينضاف ميناء “بورتيماوو” في البرتغال إلى الموانئ التي ستشكل بديلا للخطوط التي كانت تمر عبر اسبانيا، ما سيمكن من تغطية هذه المرحلة، التي يتوقع أن تتجاوز 650 ألف مسافر و180 ألف عربة”.
وأوضح المسؤول المينائي، أنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، عملت الشركات البحرية على تقليص الأثمنة المرجعية للتذاكر ذهابا وإيابا بالسيارة إلى 995 أورو للعائلة المتكونة من 4 أفراد بالنسبة للخطوط طويلة المدى، و450 أورو للعائلة المتكونة من 4 أفراد بالنسبة للخطوط متوسطة المدى، مشيرا إلى أن الحكومة، صادقت على مشروع مرسوم يتعلق بإحداث تعويض مالي استثنائي عن التنقل، يستفيد منه أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج الذين سافروا عبر الرحلات البحرية الرابطة بين موانئ فرنسا وإيطاليا والبرتغال وموانئ المملكة المغربية.
400 مساعدة اجتماعية وأطباء لإثبات روح التضامن والإخاء
من جهتها، وضعت مؤسسة محمد الخامس للتضامن كل مواردها اللازمة ووفرت جميع التجهيزات المناسبة لضمان استقبال رحب للمغاربة المقيمين بالخارج ومنحهم المساعدة الإدارية والطبية المرغوب فيها، وبالأخص خلال عبورهم بين أوروبا والمغرب عبر الموانئ والمطارات المعنية.
وفي هذا الصدد، ذكر عبد الله عمر موسى، المسؤول عن القطب الإنساني والطبي بمؤسسة محمد الخامس للتضامن، أنه بناء على تعليمات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قامت المؤسسة هذه السنة بتجنيد أزيد من 400 مساعدة اجتماعية وأطباء ومساعدين طبيين ومتطوعين لخدمة الجالية المغربية وتقديم العلاجات الطبية المستعجلة والمساعدات المرتبطة بالملفات الإدارية والاجتماعية، وكذا بعض الاستشارات القانونية غير المعممة التي تهم الجانب الجمركي والإداري والنقل بصفة عامة، مشيرا إلى أن نصف هذا العدد سيتمركز بميناء طنجة المتوسط باعتباره أهم نقطة عبور بالمملكة.
أما بخصوص باحات الاستراحة، ذكر المسؤول، أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن خصصت مراكز للاستقبال والاستراحة بموانئ طنجة المتوسط والناظور والحسيمة، كما عززت نشاطها بكل الموانئ المتوسطية الأوربية المرتبطة بعملية العبور، وغطت عدة مواقع بموانئ سيت ومارسيليا بفرنسا، وجنوة بايطاليا.
240 عون جمركي لضمان نجاح عملية العبور
لجأت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بمناسبة عملية العبور 2021 إلى تعبئة أزيد 240 عونا وإطارا أغلبهم ينتمون للمديرية الجهوية للجمارك بالشمال الغربي، وجرى توزيعهم على كل النقط التي تشرف عليها المديرية بميناء طنجة المتوسط، ويعملون بنظام الديمومة على مدى 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع.
وأفاد المهدي بن داوود، رئيس مديرية المسافرين بميناء طنجة المتوسط، أن المديرية سخرت كل إمكانياتها وطاقاتها البشرية لتوفير المساعدة وتقديم الإرشاد بممرات المراقبة الأرضية، التي تتوزع بين المخصصة للسيارات الخفيفة السياحية والسيارات النفعية والراجلين، من أجل تسهيل كل الإجراءات الجمركية وخدمة مصالح المواطنين المغاربة المقيمين في ديار المهجر.
وفيما يخص الإجراءات الجمركية المتعلقة بالاستيراد المؤقت للسيارات، أوضح المسؤول الجمركي أن تسجيل البيانات تتم على متن البواخر، وذكر أن الإدارة جندت أعوانا متخصصين، وزودتهم بحواسب محمولة وآلات طبع حرارية ومعدات تتوفر على أحدث التقنيات لتيسير مهمتهم وضمان سهولة عبور السيارات، مشيرا إلى أنه أصبح بالإمكان معرفة الرسوم المستحقة على السيارات، وكذا تعبئة الوثائق الخاصة بهذا الشأن عبر شبكة الانترنت.
وأوضح بن داوود، أن الإدارة المركزية قامت بمجهودات كبيرة على المستوى التواصلي، ووضعت رهن إشارة الجالية المغربية عددا من الوسائل والآليات المساعدة، ومن أهمها موقع على شبكة الانترنت (www.douan.gov.ma)، الذي يتضمن أرقام هواتف المسؤولين من أجل المساعدة والإرشاد، وكذا استمارات متنوعة وإجابات على عدد من الاستفسارات المتداولة ومعلومات لتبسيط الأنظمة والإجراءات الجمركية.
عن جريدة “الصباح” بتصرف