أسواقنا في رمضان “مأوى الشياطين”

أسواقنا في رمضان “مأوى الشياطين”

7 مارس, 2025

الداخل مفقود والخارج مولود ،عبارة مأثورة تتبادر الى أذهاننا كلما تذكرنا أحوال أسواقنا للأسف ،وهي جملة معبرة تصدق على من يتوجه الى أسواقنا قصد التبضع ،والتي تشهد خلال شهر رمضان الكريم ،على وجه الخصوص، حركية استثنائية ويكثر طلب الأسر على المنتجات الغذائية التي تؤثث موائد المغاربة ،كل حسب قدرته وما يملك من مال .
وأسواقنا فعلا “مأوى الشياطين” في الوضع الراهن،لأنها فعلا أضحت مرادفا لممارسات منحطة تقوم على الجشع والتدليس و الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة ، ومنصة لكل أنواع المضاربات والزيادة في الأسعاردون وجه حق والتطفيف والبخس في المكاييل و الميزان من أجل تحقيق الربح السريع واغتصاب حق الغير .
ويصدق على أسواقنا ،خاصة خلال الشهر الفضيل ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذم الأسواق:(أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا ، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا)،كما يصدق عليها إشارات أخرى للنبي الخاتم حين اعتبر الأسواق “مأوى الشياطين، فيها باض الشيطان وفرخ والعياذ بالله ونصب رايته وخيمته ، لأن الأسواق أسواق البيع والشراء الغالب فيها ،إلا ما شاء الله ،الكذب والغش والخيانة والحلف وما أشبه ذلك ، فلهذا كانت أبغض البلاد إلى الله عز وجل”.
وأمام هذا الواقع السيئ نتساءل عن السبب وعن من السبب في شيوع هذه السلوكات المشينة التي تتميز بها أسواقنا، هل الأمر يتعلق فقط بسلوك التجار ورغبتهم الجامحة في تحقيق الربح بأي طريقة كانت ؟، أم لضعف المراقبة أم لعدم دقتها وتعميمها ؟، أم لغفلة الزبناء وسذاجتهم ؟،أم لتفشي الرشوة وانعدام الضميرالحي ؟ ، أم لانعدام الأخلاق والتربية الحسنة ؟.
وهل يكفي الردع والتوعية والشجب والوعيد والتنبيه والتحسيس والمراقبة الموسمية للقضاء على المفسدين والمضاربين والغشاشين الذين تعج بهم أسواقنا ،وهل يكفي توجيه اللوم لمن لهم اليد الطولى في تفشي آفة الأسواق المستعصية ؟؟!!!.
ولمن نوجه اللوم فيما يقع في الأسواق ،هل للسلطات الوصية أم للتجار الكبار أم للتجار الصغار أم للوسطاء أم للمستهلك الذي يعد الحلقة الأضعف في كل معاملات الأسواق ؟ ، أم لغياب القيم والأخلاق الإسلامية الضابطة للنشاط التجاري والاقتصادي في المجتمع؟ ..
ربما قد تفيد اليقظة والتعبئة وتنسيق الجهود بين مختلف المتدخلين المؤسساتيين وأجهزة المراقبة ومساهمة جمعيات حماية المستهلك لتحقيق “نجاعة وفعالية” التدخلات وحماية المستهلك من الممارسات غير المشروعة وضبط المعاملات التجارية داخل الأسواق والقضاء ،ولو نسبيا ، والضرب بيد من حديد على المفسدين والمضاربين على اختلاف مستوياتهم .
إلا أن القضاء على جزء كبير من الممارسات “السوقية” ووقف الطرق الاحتيالية بنية التضليل وأكل أموال الناس بالباطل وتنظيف الأسواق من المعاملات المشبوهة ،يقتضي وجود سلطة حازمة ومجتمع واع يمتلك ضميرا حيا ويتعفف تجاره من أخذ مال الغير بدون حق .
كما قد يكون الأمر ممكنا حين تصبح الأمانة قيمة متغلغلة في سلوكنا وحياتنا وحين نرتقي بالمجتمع أخلاقيا عبر التربية السليمة ونكشف خبث الفاسدين ونطبق أشد العقوبات على من يضر بحقوق المستهلك مهما علت درجته في سلم المسؤولية .
وأين نحن من قناعات السلف الصالح ، الذين بلغ بهم الأمر أن كان دخولهم للسوق يذكرهم الآخرة ، فيتذكرون إما الجنة وإما النار “فاعتبروا يا أولي الألباب ” و”إن غدا لناظره قريب “، صدق ربنا العلى.

بقلم: عبد العزيز حيون (المدير الجهوي السابق لوكالة المغرب العربي للانباء بطنجة)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*