أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية عن إطلاق مشروع جديد لتعزيز وتأمين أجزاء من السياج الفاصل بمدينة سبتة المحتلة، وذلك بهدف معالجة ما تصفه السلطات الإسبانية بـ”نقاط القفز الساخنة”، التي حددها المهاجرون كأضعف مناطق الحماية على طول السياج، مما زاد من وتيرة التسلل غير الشرعي إلى المدينة الواقعة تحت الاحتلال الإسباني.
ويمتد السياج الحدودي المزعوم لمدينة سبتة السليبة على طول 8.7 كيلومترات، ويضم بنية تحتية أمنية تشرف عليها وزارة الداخلية الإسبانية، تشكّل حاجزاً مادياً رئيسياً لمنع دخول المهاجرين، رغم أن الضغوط تتزايد على المملكة المغربية لتحمّل تبعات مسؤوليات لا ترتبط بها قانونياً، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الإسباني للمدينتين سبتة ومليلية، وغياب اعتراف صريح بالسيادة المغربية عليهما.
وبحسب المعطيات التي أوردتها وزارة الداخلية الإسبانية، فإن الضغط على الحدود الوهمية شهد تصاعداً ملحوظاً خلال الأشهر الأخيرة، حيث حاولت مجموعات تضم مئات المهاجرين، أغلبهم من أصول مغربية وجزائرية، تجاوز السياج، من خلال القفز أو التسلل عبر الشواطئ، مستغلين انخفاض مستوى البحر، حيث تصف إسبانيا هذه المحاولات بـ”الاعتداءات المنظمة”، رغم أن المغرب يقوم بجهود كبيرة لمنعها، دون أن يلقى تفهماً من الجانب الإسباني، الذي يستمر في تحميل المغرب مسؤولية ما يحدث داخل أراضٍ خاضعة له.
وقد قامت السلطات الإسبانية خلال السنوات الماضية بسلسلة من الأشغال على السياج، من بينها إزالة العناصر الحادة، واستبدال السياج المتآكل في مناطق، مثل “إل تراخال”، و”بنزو”، إلا أن ما تسميه مدريد بـ”نقاط القفز”، انتقلت إلى أجزاء أخرى من السياج لم تُمسّ سابقاً، ما دفعها إلى الإعلان عن مشروع جديد لتقوية سياج “بنزو”، وإصلاح التصدعات والأضرار التي لحقت بالبنية الحدودية هناك، لا سيما بعد المحاولات المتكررة لاختراقها.
وفي الوقت الذي تواصل فيه مدريد تحميل المغرب مسؤولية هذه الأوضاع، تجاهلت الوزارة الإسبانية حقيقة أن المملكة المغربية كانت قد أحبطت، يوم 15 شتنبر الماضي، محاولة جماعية لاختراق السياج، بعد تنسيق مسبق مع الجانب الإسباني، إذ أسهم التدخل المغربي الحاسم في تفادي موجة هجرة غير مسبوقة، وهو ما مثّل تحولاً واضحاً في نهج الرباط تجاه هذه الأحداث، رغم أن القانون المغربي لا يجرّم محاولات التسلل إلى مدينتين تعتبرهما المملكة أراضي محتلة.
ومع ذلك، لم تتوقف محاولات العبور غير النظامي، حيث أظهرت تقارير إسبانية أن منظمين للهجرة حاولوا بعد أيام قليلة من فشل محاولة 15 شتنبر، التحضير لموجة جديدة من الاقتحامات، اتسمت هذه المرة بطابع عدائي غير مسبوق، حسب الرواية الرسمية الإسبانية، إذ استخدم المهاجرون الحجارة وأعمال التخريب وحتى إشعال النار بهدف تشتيت انتباه رجال الأمن.
وتأتي هذه الأحداث، في وقت تتعالى فيه الأصوات داخل إسبانيا للمطالبة بتشديد العقوبات على من ينظمون الهجرة غير النظامية، بينما يظل المغرب، مرة أخرى، في موقع الطرف المتعاون، الذي يبذل جهوداً كبيرة لتأمين حدود ليست تحت سيادته حاليا، وسط تجاهل مستمر لمطالبه التاريخية باسترجاع سبتة ومليلية المحتلتين.