مستشفى محمد الخامس بطنجة.. مقبرة للموت والعذاب

مستشفى محمد الخامس بطنجة.. مقبرة للموت والعذاب

10 فبراير, 2019

صراخ، بكاء، احتجاجات وشكاوى بالجملة تستقبلك وأنت تهم بالدخول إلى المركز الاستشفائي الجهوي محمد الخامس بطنجة، إذ لا يمكنك أن تسمع هنا إلا أصواتا تعبر عن الاستياء والتذمر من الوضع الكارثي لهذه المؤسسة، التي باتت تمثل محنة مشتركة تتقاسمها جيوش من المرضى يطالبون بحقهم في التطبيب والعلاج، وأطر طبية وإدارية عاجزة لا تستطيع تلبية مطالبهم المشروعة. 
فالداخل إلى هذه المؤسسة العمومية لا بد أن يثير انتباهه طوابير يشكلها، صباحا ومساء، عشرات من المرضى والمصابين، سواء بقسم المستعجلات وأمام مكاتب الأطباء والأقسام المختصة، إذ أضحى هذا الوضع يخلق ضغطا كبيرا على نفسية المرضى وعائلتهم، الذين يتجرعون مرارة هذه الأوضاع الكارثية، التي أقل ما يمكن القول عنها أنها “مأسوية وصادمة”.
“المشاكل هنا معقدة ولا حصر لها”، استنتاج أجمع عليه عدد من المرضى الذين التقت بهم “الصباح” داخل المستشفى ذاته، وربطوه بعوامل متشعبة تتلخص في ضعف البنية التحتية والنقص الحاد في الموارد البشرية، من أطر طبية وشبه طبية، بالإضافة إلى قلة المعدات والأدوية الاستعجالية الضرورية، ناهيك عن الزبونية والفساد الذي تظهر تجلياته في تلقي إطارات طبية للرشوة مقابل موعد لإجراء عمليات جراحية مستعجلة.
وقال أحد المرضى، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن “الوضع الكارثي الذي يعيشه مستشفى محمد الخامس بطنجة، سواء بالمستعجلات أو أقسام الولادة والأطفال والجراحة… جعله عاجزا عن استقبال المرضى والمصابين من الطبقات المعوزة والفقيرة، الذين يلجئون إلى مستشفيات القطاع العام أملا في تلقي العلاج بأقل تكلفة ممكنة، إلا أنهم يصطدمون مع واقع يضاعف من معاناتهم الصحية والنفسية والمالية.
وما يزيد من معاناة هذه الطبقة المستضعفة، يقول المصدر، الفساد المتفشي بين الأطر الطبية والشبه الطبية، الذين تخلوا عن أخلاقيات المهنة وأصبحوا لا يؤمنون بجدوى المعاملة الحسنة التي تساعد نفسيا في العلاج، بل أصبح المريض بالنسبة لهم محفظة نقدية يسعى إلى إفراغها في جيبه، إذ لا يمكنك أن تطالب بالعلاج دون أن يكون لك وسيط يسهل عليك المأمورية ويفتح لك العلاقة مع الطبيب الذي تحتاجه، حتى تتمكن من إجراء الفحوصات والتحليلات التي تكلف بالخارج المال الوفير.
مواطن آخر أكد أنه تعذر عليه تحديد موعد مع طبيب اختصاصي بالمستشفى ذاته من أجل إجراء عملية جراحية، إلا أنه تمكن من ذلك حين التجأ لأحد السماسرة، الذي تكفل بكل الإجراءات، بما فيها الكشوفات الطبية والصور والعملية، مقابل مبالغ مالية دفعها مسبقا، وهي نفس السلوكات المشينة التي تتكرر بالواضح يوميا بقسم الولادة.
ومن المشاكل التي تحدث عنها الجميع، التعطل المستمر لأجهزة الراديو والسكانير، حيث تظل هذه الأجهزة معطلة لأسابيع وشهور دون أن يتم التدخل لإصلاحها، وهو ما جعل العديد من المرضى يعتقدون أن الأمر متعمدا ويتم بتنسيق مع المختبرات الخاصة التي تستفيد من هذه العملية.
من جهة أخرى، اعتبر فؤاد قبيل، مدير المستشفى الجهوي محمد الخامس، أن هذه الإدعاءات يطبعها نوع من المزايدات، لاسيما أن الوضع الصحي بهذه المؤسسة ليس بهذه الصورة القاتمة، التي تروج بين فينة والأخرى، مؤكدا أن المشاكل المطروحة منها ما تم حله نهائيا ومنها ما هو في طريقه إلى الحل.
وقال قابل لـ “الصباح” إن “المؤسسة شهدت في الشهور الأخيرة عدة انجازات في إطار السياسة التي تنهجها الوزارة حاليا، حيث تم رصد غلاف مالي مهم لإصلاح جل الأقسام وتزويدها بالمستلزمات الضرورية، وهو ما سيساهم في امتصاص الغضب وتسهيل الولوج إلى الخدمات الطبية، وذلك في أفق بناء مركز جهوي كبير خاص بالاستشارات الطبية والتشخيص”.
وفي حديثه عن الخصاص في التجهيزات الطبية، ذكر المسؤول أن المستشفى يتوفر على أجهزة جد متطور للفحص بالصدى من الجيل الثالث خاصة بأمراض القلب والشرايين، وكذا جهازين للفحص بالأشعة فوق البنفسجية، ومنظار طبي للفحص الداخلي خاص بالأمراض التنفسية والهضمية، في انتظار الانتهاء من أشغال تركيب جهاز الفحص بالرنين المغناطيسي “ليريم”، ناهيك عن أجهزة أخرى سيتم اقتناءها قريبا.
أما بخصوص قسم المستعجلات، ذكر قابل أنه الوزارة عملت على تجهيزه هو الآخر بأفرشة متطورة مشابهة لقسم الإنعاش المتقدم، حتى يتمكن المستشفى من استقبال الحالات المستعجلة الخطيرة في ظروف ملائمة، بالإضافة إلى قاعات مجهزة للملاحظة والفرز.

المختار الرمشي (الصباح)

التعليقات

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*